TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انتخابات إعادة التدوير

انتخابات إعادة التدوير

نشر في: 12 يناير, 2018: 04:41 م

adnan.h@almadapaper.net

 

التحالفات والائتلافات الانتخابية المُعلن عن تسجيلها لدى المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات، لا تشير إلى أي تغيير جوهري في العملية السياسية القائمة منذ 2003 يمكن حصوله نتيجةً للانتخابات المقبلة.
العملية السياسية التي وَضعتِ الولايات المتحدة وبريطانيا أسسها وحدّدتا شكلها ومضمونها منذ ما قبل 2003، ستظلّ قائمة على نحو راسخ، مستبدّة بالبلاد برغم أنف العباد للسنوات الأربع المقبلة. القوى والاحزاب السياسية التي أصبحت، بفضل الوصفة الأميركية – البريطانية، متنفّذة في السلطة ومستحوذة على الثروة، تجمّعت هذه المرة أيضاً على الأساس الطائفي ( شيعة، سُنة) والقومي (عرب، كرد، تركمان.. الخ)، مع أنها جميعاً تقريباً لعنتْ ألف مرة نظام الاستقطاب والمحاصصة على أساس المذهب والقومية، وردّدت كثيراً على مدى السنوات الماضية القول بأن خروج العراق من مأزقه ومحنته يتطلّب كسر هذه القاعدة وتشكيل أحزاب وكيانات وائتلافات سياسية عابرة للدين والطائفة والقومية وخوض الانتخابات بها.
ها نحن لا نرى الآن ائتلافاً واحداً بين أحزاب شيعية وسنية أو بين أحزاب عربية وكردية وتركمانية أو بين أحزاب شيعية وسنية وكردية. شذّ عن هذه القاعدة ائتلاف الوطنية، بزعامة إياد علاوي، والتحالف المدني الديمقراطي، بقيادة الحزب الشيوعي، المتشكّلان على أساس وطني، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كانت القائمتان اللتان ستخوضان الانتخابات باسم الائتلافين ستضمّان جماعات وشخصيات من القوميات الأخرى (الكرد والتركمان وسواهما). كما شذّت عن القاعدة كتلة الاحرار الصدرية التي يُعلن ممثلوها الآن أنها ستتحالف مع التحالف المدني الديمقراطي، وإذا حصل هذا فسيكون نقطة التحوّل الوحيدة في المعادلة، لكن من المتوقع أن تشنّ الائتلافات والكتل الشيعية الأخرى حرباً دعائية ضد "الاحرار" وزعيمها مقتدى الصدر للتأثير في قوتها التصويتية المحتملة.
ليس من الصعب اكتشاف أنّ التحالفات الطائفية، الشيعية والسنية، سعت هذه المرة إلى التحايل بتأسيس كيانات متناهية الصغر تحمل مسمّيات "المدني" و" الوطني" و" العراقي"، وضمّها إليها في سبيل إعطاء الانطباع بأنها متجاوزة الحدود الطائفية والقومية، لمواجهة المدّ المدني والوطني الذي عمّ البلاد في السنوات الأخيرة نتيجة للفشل الذريع والمدوّي الذي مُنيت به صيغة الحكم الطائفية - القومية (شيعة – سُنة – كرد)، بيد أن أسماء المشكّلين لهذه الكيانات (الجديدة الصغيرة) تفضح مكر الكيانات الكبيرة التي تقف وراء هذا الترتيب.
من الواضح أيضاً أنه ما من أحد من الكيانات المتنفذة في السلطة منذ 2003 يريد الخروج من شرنقة الطائفة – القومية. حتى رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي لم ينقصه إلا الوقوف عند شبّاك العبّاس والحلفان لتأكيد أنه يريد تشكيل ائتلاف سياسي وطني عابر للطائفية والقومية، يتبيّن الآن أنه غير قادر على، وربما غير راغب في، نزع دشداشته الطائفية.
جملة الكلام، أن مجلس النواب المقبل والحكومة المقبلة سيكونان في صورة المجلس الحالي والحكومة الحالية، وفي صورة المجالس السابقة والحكومات السابقة .. وعليه ليس متوقّعاً أن تكون العملية الانتخابية الوشيكة مختلفة في الشكل والمضمون عن عملية إعادة التدوير للنفايات والمخلّفات الصناعيّة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سعد الصباغ

    السبد عدنان المحترم ÷ل أكتشفت ذلك الان ، أنها مسألة مفروغ منها ، الرجاء مراجعة قول برنادشو ، أن الديمقراطية في بلد جاهل تعني تحكم الحمير بمستقبلك .

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram