TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > الطيب صالح: ثنائية الصمت والرحيل

الطيب صالح: ثنائية الصمت والرحيل

نشر في: 16 إبريل, 2010: 04:30 م

شكيب كاظميوم اصدر الروائي السوداني الطيب صالح عمله الروائي الشاهق (موسم الهجرة الى الشمال) منتصف الستينيات (1966) فضلا عن بقية اعماله القصصية والروائية : (دومة ودحامد) و(عرس الزين) و(بندر شاه) و(مريود) استقبلت اعماله تلك وخاصة روايته (موسم الهجرة الي الشمال) استقبالا حميما قل مثيله فكان مما كتبه رجاء النقاش الناقد المصري المعروف
 (لم اصدق عيني وانا التهم سطور اعمال الطيب صالح، وانتقل بين شخصياته النارية العنيفة النابضة بالحياة، واتابع مواقفه الحارة المتفجرة، وبناءه الفني الاصيل الجديد على الرواية والقصة العربية. لم اتصور انني اقرأ اعمالا كتبها فنان عربي شاب ولم اتصور ان رواية (موسم الهجرة الى الشمال) الناضجة الفذة - فكرا وفنا- قد اخذتني الى مرتفعات عالىة من الخيال الفني والروائي العظيم واطربتني طربا حقيقيا بما فيها من غزارة شعرية رائعة). والذي نشره في كتابه (أدباء معاصرون).كما اثني علىها وتقبلها بقبول حسن الناقد السوري المعروف محيي الدين صبحي : (كان اهم اثر ادبي صاعق طلع علىنا به الطيب صالح (موسم الهجرة الى الشمال) وهي رواية محيرة التي توجه اليها الباحث، كما انها مكتنزة ، متلاحمة، مشوقة، وداكنة) وفيها اخيرا قدر كبير من الاسئلة عن كنه الشخصية الانسانية، وكنه الانسان في التاريخ، وكنه الانسان في مجتمعه وكنه الانسان في مجتمع غير مجتمعه (...) الا انني لن اهتم بكل هذا الا بالقدر الذي يكفيني لاضاءة الزاوية الخاصة التي اجدني مدفوعا الى تركيز الانتباه علىها وهي زاوية الفاجعة في اللقاء الحضاري فقد لاحظت ان كل رواية تتعرض للقاء حضاري تنتهي بفاجعة تقوم على سوء التفاهم..)- تراجع دراسته الموسومة بـ(موسم الهجرة الى الشمال: بين عطيل وميرسو) المنشورة في كتابه (ابطال في الصيرورة: دراسات في الرواية العربية والمعربة) الصادرة طبعته الاولى عن دار الطليعة ببيروت عام 1980.وكتبت عنه مقالة نقدية نشرتها جريدة (التاخي) يوم الاثنين 14/من ذي القعدة /1395- 17/11/1975- وسمتها بـ (الطيب صالح... طاقة قصصية مبدعة) قلت فيها : تحس وانت تقرأ للطيب صالح انك امام طاقة قصصية خلاقة ومبدعة ومنشأ هذا الاحساس تمكن الطيب صالح من اداته القصصية ومن رشاقة عبارته، لابل شاعريتها، ومقدرته الفائقة على شد القارئ، كذلك يحس من يقرأ له انه امام قاص كبير وليس امام قاص دخل هذا العالم منذ مدة ليست طويلة (...) ان اروع ماكتب حتى الان هي روايته (موسم الهجرة الى الشمال) . ولقد كتب عن الطيب صالح نقاد عديدون، وطبعت اعماله طبعات عدة، وقرأها ملايين العرب، فضلا عن ترجمة روايته هذه الى الانكليزية.كنت دائما أسائل نفسي لماذا توقف الطيب عن الكتابة؟ هل توقف حقا او كتب ماراه غير جدير بالنشر او كتب ماوجده لا يصل الى مصاف ماكتب او ان يتجاوزه؟ كثير من المبدعين الذين يبدأون حياتهم الابداعية بما نستطيع تسميته بـ(مفخرة الموسم) غالبا مايتوقفون عن الكتابة او الابداع اذ يجدون هذا الذي يكتبونه لايضاهي ماكتبوا او يوازيه، من هنا ظهر اصحاب الواحدة في التراث الادبي العربي، وماقصيدة ابن زريق البغدادي في وداع بغداد يوم غادرها ملتاعا نحو بلاد الاندلس التي كانت مهوي الافئدة ومسرح التأنس بعد بغداد بخافية عن اذهان الدارسين ، فضلا عن قصائد اخر وفي عصرنا افتتح الشاعر المحلق حامد حسين آل يونس ابداعه الشعري بقصيدة رائعة اسماها (امرؤ القيس...والعذارى) وتقع في اربعين بيتاً نَوَّعَ فيها قوافيها من الجيم الى اللام الى الراء فالباء ، صور فيها بشعر جزل جميل وانيق ماذكرته كتب التراث العربي عن مجون امرئ القيس وتبذله مع بنات قومه ممن كن يستقين الماء من غدير جلجل، وكيف سطا على ملابس الحسان، حسان كندة اللواتي كن قد ارتمسن في ماء الغدير في تلك الهاجرة الصحراوية، واشترط عليهن كي يعيد اليهن ملابسهن ان يخرجن اليه عاريات، ولانعلم مدى صحة هذه الرواية لكن ليس بمستغرب ان يصدر مثل هذا التصرف عن امرئ القيس الملك الضليل، وبودي ان انقل للقارئ بعض ابيات هذه القصيدة، التي كنا نحفظها عن ظهر قلب ايام الفتاء والشباب.أزف الترحل فالمطهمة العتاق الهوج تسرج والفاتنات الهيف سكري الدل تبسم للمدججواطل فرعاها وماخجلا على الكفل المرجرجوالناهد البطر المكوز دائم الوثبات اهوجوحسان كندة جئن بعد الركب ماء غدير جلجلفرمين بالحبرات واستسلمن للماء المسلسل الماء... آه الماء يهصرهن في رفق فيثملووراءهن فتى يذوب جوى بمخبئه تململخطف الثياب وعاد يطفح بين جانحيته مأملواطل عن كثب وأورد مقلتيه... ألذ منهلخرج العذارى من ثنايا الماء يثنين الضفائروالشمس تلثم كل مكتنز شهي العطر نافرواذا الفتى يبدو ورسل شدقه ضحكات فاجرعطفت اميرتهن... والنهدان في الصدر اشرأبايأبي لها الا الخروج اليه عارية... فتأبىحتى اذا هزئ الخليع بكل عاطفة وقربىخرجت تعثر بالحياء كسيرة النظرات غضبيتهتز والجسد العري... غدا لنا ظريه نهبالكني على كثرة مداومتي قراءة الشعر لم اعثر على اية قصيدة لحامد حسين آل يونس ليضاف هذا الشاعر الى رعيل اصحاب الواحدة ترى من يعرف عنه شيئا؟ او قرأ من شعره شيئا؟اعود لاقول : لقد اعاد الى الاذهان ، تساؤلي السابق عن سبب توقف الطيب صالح عن الكتابة، وخاصة تلك المقالات التي دبجت اثر رحيله في لندن يوم

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram