لأنني حالم كبير، لأنني لن أصغي إلا لوجيب قلبي الذي يحب الحياة، لأنني ابن بار بمدينة كانت الأجمل بين المدن، سأستعير من الصديق(رياض العلي) المثل الالماني، الذي نشره على صفحته" النافذة التي لا تُطلُّ على جارةٍ جميلةٍ يجب أن تُغلقَ ويعرضَ البيتُ للبيع" ياه، ما أحوجنا في الحياة اللعينة هذه الى مثل هكذا مشاهد، وقد أزيحت ستائر وأطلَّ وجه جميل وسطع نور وإبيضَّ أفق وتمادت أذرع وتفتحت قلوب...
أحياناً، أسألُ لماذا باتت حياتنا خلواً من المشاهد هذه؟ ما الذي جرى ويجري، وهذا العالم من حولنا يزداد صدقاً ومحبة وجمالاً، كنت توقفت طويلاً عند مشاهد عدة شاهدتها في مطار باكو، كانت النساء الآذريات يودعن أصدقائهن العراقيين عند كاونترات المغادرة في مطار باكو، وقد رأيتهن يعانقن ويقبّلن ويبكين، ولم يكن مشهد العراقيين بأقل شاناً، هم، أيضاً كانوا متعلقين بهن، في وداع لا يمكن معاينته في أي مطار عراقي، ومثل المشاهد تلك كنت رأيتها في محطات القطار والمطارات بطهران وغيرها، رأيت الناس يستقبلون ويودعون بعضهم بباقات الورد.
لماذا تخلو حياتنا من المشاهد هذه، وهل في عناق وتقبيل المرأة ما يغضب ويثير حنق أحد ما، أيّ أحدٍ، بما فيهم الله والرسول والأولياء؟ أما طاف محمد على نسائه السبع او التسع في ضحى يوم واحد؟ أما قالت أم المؤمنين(عائشة) بانه كان يقبلني شقَّ التينة، أما وضع يده تحت حنكها وجعلها متمكنة من مشاهدة حفل الطبول في بيت أحدهم بالمدينة؟ أكل ما قرأناه في كتب السير والاحاديث عن الحب والتقبيل والعناق والمعاشرة كان هراء أنسانياً؟ يا ترى، لماذا تخلو حياتنا من المباهج والمسرات، ولماذا تكفهر في أعين البعض الالوان إلا الاحمر منها؟ هذا المسفوح على الاسفلت؟ أحقا نحن غير جديرين بالحياة؟ من قال ذلك، وكيف تراجع الانسان في داخلنا حتى استحال وحشاً، من المسؤول عن ذلك؟ هل أقول رجل الدين، رجل السياسة، شيخ العشيرة ؟ أم كلهم مجتمعين، وهل نبرئُ أنفسنا، نحنُ معشرَ المثقفين من ذلك ؟
كثيراً ما أضع صورة كأس أو قارورة نبيذ، أو صورة جميلة لإمرأة، جملة في الحب أو مشهداً جذاباً من الطبيعة أقيس به نبض الاصدقاء وقراء صفحتي، وأسمع كلاماً جميلاً لا يخدش الحياء، ينمُّ عن مشاعر حقيقية، تشاركني محاولتي في صنع البهجة واستعادة الجانب المضيء من حياتنا التي تعثرت خطاها خلال العقود الماضية، أفعل ذلك لأيماني بأن الحياة أولى بأن تعاش كما أريد لها، وهي أكبر من صورة الوحش الخارج تواً من كهف قلبه، وقد أظلمت عليه الوهاد، فتقهقرت في روحه مصابيح السلام والطمأنينة، أفعل ذلك لأنني وجدت جيلاً من الأبناء ضاقوا ذرعاً بتعاليم فقهاء الظلام، وهم يتحرقون شوقاً لمن يدلهم على نوافذ الفرح التي تشرع بأوجه العالمين إلا نحن.
ونحن نستقبل العام الجديد، ونحن سعداء بمئات الباقات من الورد والرسائل الجميلة التي نتلقاها عبر صفحاتنا على مواقع التواصل، أجد إن الحاجة باتت ملزمة لأبنائنا الشباب لكي يصرخوا بصوت عال مدوٍّ:" نحن، في العراق، لا نختلف عن الآدميين، وهذا الربُّ الذي في عقولكم أرحم من أن يعذبنا منفردين بهذا الكون، نريد حقنا في الحب والقبل والعناق والجنس، حقنا في الأغنية والرقص والموسيقى، في السفر والانتماء والقبول والرفض، وما تجدونه مكرهاً في نفوسكم لن يكون كذلك في نفوسنا، نحن من يقرر ذلك.
أزيحت ستارةٌ.. أطلَّ وجهٌ جميل
[post-views]
نشر في: 9 يناير, 2018: 09:01 م