أكد مستشار بشؤون الاستثمار إن سوء الاختيار والفساد وعدم التزام الكثير من الوزارات والهيئات بمعايير الإحالات في نظام العقود الحكومية وإحالة معظم الوزراء عقود المشاريع حسب هواهم، تسبب لنا بكارثة وخراب في جميع المشاريع الستراتيجية في العراق، لكن الحكومة تتجه لمعالجة هذا جذرياً، الى ذلك دعا خبير اقتصادي الحكومة الى محاسبة المقصرين في انجاز المشاريع وتغيير كل العاملين عليها في كافة الوزارات، لأن من العار السكوت على من أهدر مواردنا المالية في مشاريع وهمية وأخرى متلكئة وفاشلة.
وتقدر خسائر العراق بحسب مختصين 200 مليار دولار جراء تعثر المشاريع، وكان الفساد من أهم الاسباب التي حالت دون إكمال آلاف المشاريع وتعطيلها في العراق، فمنذ عام 2003- وحتى اليوم، كان مصير المال العام إما السرقة أو الهدر في مشاريع لم تنجز وأخرى توقفت واندثرت لمرور سنوات عديدة على توقفها، ولم يتم الحديث حتى عن المخصصات التي انفقت عليها من قبل الدولة.
يقول ثائر الفيلي وهو المستشار لشؤون الاستثمار في حديث لـ(لمدى)، ما سوف تتداركه الحكومة في الأيام القادمة من هذا العام هو أهمية ادارة المشاريع الستراتيجية القادمة، وقدرة هذه الإدارة في بناء العراق والبنية التحتية له، خاصة وإن الكل يعلم كيف أثرت سوء ادارة هذه المشاريع على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، ناهيك عن سوء نوعية المشاريع التي فوتت الفرصة على بناء العراق للنهوض بواقعه الخدمي، مشيراً الى وجود عدة عوامل أدت الى أن يبقى العراق بدون مشاريع خدمية ومشاريع بنى تحتية كالطرق والمستشفيات أو المدارس أو محطات تصفية المياه ومحطات المجاري والكهرباء، متابعاً: نعم الفساد كان وراء هذا الواقع لكن ليس هو فقط، بل إن الجهل والتخلف الموجود في إدارة المشاريع هو من أدى بالفعل الى وجود نقاط ضعف قوية، تحاول الدولة الآن تفادي تلك الأخطاء.
وبين،إن أهم هذه النقاط هي سوء الدراسات لتلك المشاريع، حيث كانت المشاريع تبدأ دون دراسة جدوى حقيقية اقتصادية وفنية أو جدوى للبنية التحية لهذه المشاريع،أما العامل الآخر فهو سوء التصاميم والمواصفات،لأن معظم تصاميم مشاريعنا متخلفة وتعود الى أعوام ماضية، وهو موضوع واضح ونراه في انشاء الجسور المتخلف والسيء جدا. وذلك لوجود عدد من المقاولين يدفعون اموالا الى المكاتب الاستشارية في الدولة لتصمم الجسر بمواصفات رديئة متخلفة، حتى يأتي هذا المقاول المتفق معه لإ نجاز ذلك الجسر باقل سعر، مستدركا: أما النقطة الثالثة فهي عدم التزام الكثير من الوزارات والهيئات بمعايير الإحالات في نظام العقود الحكومية، حيث إن معظم الوزراء يحيلون العقود للمشاريع حسب رغباتهم، لان عملية تخويل الوزير بإحالة العقود ما دون الـ50 مليون دولار كانت كارثة كبيرة جدا ،ونشرت الفساد في العراق وهيأت له واطلقته الى الهواء، بل وحمت الفساد قانونياً، الأمر الذي يجب وتغييره.
ويتابع الفيلي: أما النقطة الرابعة فهي سوء اختيار المقاول، وكان يجب الاهتمام بتأهيل المقاولين واختيار الأفضل الذي يمكنه ادارة المشروع بمعايير جيدة، وهو المقاول المتمكن فنياً ومالياً وقادراً على الانجاز، لكن هذا لم يكن موجوداً سابقا في العراق حيث تتم عملية اختيار المقاول على اساس الولاء السياسي أو الفساد والرشوة، ومع اننا نعلم أن هناك الكثير من المقاولين ليسوا جيدين لكنهم توسعوا مالياً بسبب قدرة الوزير الفلاني على إحالة مشاريع عملاقة لهم، مما أنتج لدينا مقاولات ضعيفة جداً معظمها لم يكتمل، ومقاولة أنشاء المدارس خير دليل، حيث تم دفع أكثر من 500 مليون دولار ما نسبته 60% من قيمة انجاز هذه المدارس، وذلك لعمل 90 مدرسة، لكن لم ينجز منها سوى 11 مدرسة، مع مرور أكثر من 7 اعوام على هذه المقاولة، وبمئآت الملايين ومازالت لدى المقاول، أليس هذا سوء اختيار وفساد وكارثة يجب ان لا تتكرر.
ويستطرد قائلا، اما النقطة الخامسة وهي الأهم فهي سوء الاشراف الهندسي، وهذا الذي يعد من أهم مواطن إخراج مشروع ناضج هندسي صحيح، حيث يجب أن يكون الاستشاري المشرف متمكناً وغير فاسد، لكن أيضاً الاشراف الهندسي كان بحق سبب خراب وتلف المشاريع وعدم اكتمالها، حيث أن عدداً من المستشارين المشرفين كانوا يكتبون سلف انجاز وهمية وبعشرات المشاريع ليأخذ المقاول 40 أو 50 % عن قيمة المشروع كإنجاز، في حين لم ينجز أكثر من 2 أو 3% من المشروع، مؤكداً إن كل ما تم ذكره أدى الى تخريب جميع المشاريع الستراتيجية للعراق وهذا لن يتكرر مرة أخرى لأن الحكومة متوجهة لمعالجته جذرياً.
من جهة أخرى يقول الخبير الاقتصادي عامر الجواهري في حديث لـ"(لمدى)، نحن وبعيداً عن كل التفاصيل، بدون وجود ادارة رصينة مهنية كفوءة صاحبة إرادة حقيقية من أجل مصلحة الوطن وكوادر تعمل بهذا الاتجاه، فكل حل يأتي يعد ترقيعاً لشقوق كبيرة، ثانياً يفترض أن يكون التأكيد على وجود أولويات لاختيار المشاريع في ضوء ما يطرح من موارد ودراسات جدوى لتلك المشاريع مبنية على ما ستقدمه من خدمة وانتاجية ومن تعزيز للبنى التحتية وهذه الأولويات عندما ترتبط بالموارد مع وجود ادارة كفوءة وحريصة عندئذ سنعالج باقي الأمور، متابعاً: من جهة اخرى فإن المشاريع الوهمية تأتي من خلال وجود إدارات رصينة، وهذه جوانب مهمة، نعم إن وجود دراسات جدوى ضرورة قصوى لكن كل المشاريع السابقة أعدت لها دراسات جدوى وزعموا حينها إنها رصينة ومتكاملة، وهنا المشكلة بالتأكيد ليس في دراسة الجدوى بل في اختيار المشروع واولويته وماذا سيؤدي من خدمة حقيقية للبلد.
ويرى الجواهري: إن محاسبة جميع من قصر في هذا الجانب هي الحل، فاليوم ليس الانجاز هو التشخيص، لأن من العار على من مرّت من خلاله تلك المشاريع، وعار على من سكت عندما عرف أن هناك مشاريع وهمية واخرى متلكئة ولم يحاسب المتسبب بها، بالتالي نحن ندعو الى وجود محاسبة أولاً من ثم الانطلاق الى اعداد مشاريع حقيقية، كما لابد من تغيير كل العاملين على المشاريع في كافة الوزارات طالما فشلنا فشلاً ذريعاً وأضعنا موارد مالية وسرقت دفعات المقدمة، حيث ان الشوارع والجسور التي انجزت مثال على الفشل الكبير والكبير جدا، اليوم الا يجب أن نحاسب من نفذ تلك المشاريع، مؤكداً: اننا لن ننجح في العراق اذا لم نجلب شخصاً ما ونضعه أمام شاشات التلفاز ونقول ماذا عملت وأين انجازك وما هو تقصيرك وكيف ستحاسب، لن نغير شيئاً، وسنبقى ندور في حلقة مفرغة دون تغيير أو تطور.