TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > جـارنــا المــريـض

جـارنــا المــريـض

نشر في: 1 يناير, 2018: 05:49 م

adnan.h@almadapaper.net

 

إيران دولة مريضة.. لا شكّ في هذا. هذه النوبات من التظاهرات والاحتجاجات الشعبية المتكرّرة كلّ بضع سنوات متحديةً القمع، وآخرها التي تجري الآن في العاصمة طهران وعدة أخرى، شاهد ودليل وبرهان.
أصدقاء إيران وأنصارها والتابعون لها هنا، في العراق، يُزعجهم كلام كهذا، فالنظام الإيرني صار هو الآخر مقدّساً. المُفترض، من زاوية المصلحة، أن يكون هؤلاء الأصدقاء والأنصار والأتباع الأكثر حرصاً على أن يُبلغوا أصدقاءهم وولاة أمرهم بالحقيقة. والحقيقة هي أنّ إيران دولة مريضة، وعلّتها الأساس تكمن في نظامها الشمولي.
بعد عشر سنوات فقط من انتصار الثورة الإيرانية وإطاحتها نظام الشاه بدأ العالم يتنظّف من الأنظمة الشمولية التي انهارت تباعاً في أقوى مراكزها، وهو ما شمل لاحقاً الأطراف: نظام صدام، نظام القذافي، نظام علي عبدالله صالح، نظام طالبان، فيما نظام الأسد في سوريا يترنّح حتى الآن، ولولا التدخّل الإيراني والروسي القوي والسافر لكان هذا النظام قد لحق بسابقيه منذ سنوات.
إيران تمسّكت بالنظام الشمولي، بل تتشبّث به باستماتة، وهي تبدو الآن مثل الذاهب إلى مكة فيما الحجاج عائدون منها. منذ ثماني سنوات اندلعت في إيران انتفاضة شعبية واسعة النطاق من أجل الحرية قُمِعت بوحشية مفرطة، وشمل القمع أبناءً مرموقين من النظام نفسه كالرئيس محمد خاتمي ورئيس البرلمان مهدي كروبي ورئيس الوزراء مير حسين موسوي ومئات من الشخصيات الإصلاحية الأخرى فضلاً عن الآلاف من الناس العاديين المتطلّعين إلى نيل الحرية بعد أكثر من ثلاثة عقود من حكم شمولي تحوّلت فيه إيران الغنية بثرواتها الطبيعية إلى واحد من أفقر البلدان في العالم.
في تشرين الأول (أكتوبر الماضي) قدّم عبدالرضا رحماني فضلي، وزير الداخلية في حكومة الرئيس الحالي حسن روحاني، تقريراً إلى المرشد علي خامنئي تضمّن أرقاماً تتعلق بالأزمة الاقتصادية – الاجتماعية التي تتفاقم في إيران منذ عقود، أظهرت أنّ نسبة البطالة في بعض مدن بلاده قد وصلت إلى 60%، وهو رقم غير مسبوق في عهد الجمهورية الإسلامية.
وقال رحماني فضلي في مؤتمر صحافي إنّ معدّل البطالة الحالي في البلاد يبلغ 12.5 في المئة، فيما ترتفع النسبة في بعض المدن، ومنها في محافظتي كرمانشاه (الكردية) والأهواز (العربية) وإقليم بلوشستان إلى 60 في المئة.
تقرير الوزير الإيراني أفاد أيضاً بوجود 11 مليون إيراني يعيشون في مناطق التهميش، ومليون ونصف المليون مدمن مخدرات، و600 ألف سجين. هذه أرقام يصعب تصورها في بلد يصدّر أكثر من 4 ملايين و500 ألف برميل من النفط يومياً ويتمتّع بما يشبه الاكتفاء الذاتي من الأغذية، بحسب معطيات شبه رسمية تفيد أيضا بأنّ معدل التضخّم السنوي في البلاد عالٍ جداً، يتراوح بين 6.8 و8.7 في المئة.
معلوم أنّ نسبة كبيرة من عائدات النفط وسواها تلتهمها المصروفات العسكرية، بما فيها الموجّهة لدعم جماعات موالية في العراق ولبنان واليمن، وسواها.
ليس من الصعب إخماد حركة الاحتجاجات الحالية بالقوّة المسلحة الغاشمة، لكن هل في وسع هذه القوة أن تعصف بالنار التي ستبقى تحت الرماد؟.. تجربة إيران نفسها تجيب بالنفي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. أم رشا

    إيران ليست مريضة وإنما هي وباء ينشر جراثيمه وسمومه بدعوى تصدير الثوره وها هو العراق ولبنان واليمن وسوريا لا زالوا يعانوا من هذا الوباء برعاية موالون لولاية الفقيه لم يجلبوا لبلدانهم الا التمزق والخراب وحضرتك أحد هؤلاء وانت تقارن بين النظم الشمولية أي نعم

  2. عبد الستار سعيد

    واحده من المرات النادره جدا....أن تقرأ نقدا للنظام الايراني في جدريدة المدى....برغم من ان سياستها العامه هي بالضد من الانظمه الشموليه/الدينيه. لو يلاحظ السيد عدنان حسين وهو مسؤول التحرير في الجريده أنه ليس هناك أي خبر في الصفحات الخبريه حول الاحتجاجات ال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram