اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ولماذا لا يُلحد شباب العراق؟

ولماذا لا يُلحد شباب العراق؟

نشر في: 29 ديسمبر, 2017: 05:38 م

adnan.h@almadapaper.net

 

على نحو صحيح تماماً ربط ممثل المرجعية الشيعية العليا وخطيبها، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، بين انتشار ظاهرة الإلحاد وسط الشباب العراقي و"الفشل في الأداء الحكومي".
ليس الإلحاد بالظاهرة الجديدة في العالم .. هي قائمة منذ ظهور الأديان وتتطور بمستوىً طبيعي وقد تبقى إلى الأبد، لكنّ الملاحظ أنها تفشّت في العراق بوتيرة سريعة للغاية في السنوات العشر الأخيرة، ولا يضاهيها في ذلك غير ظاهرة الفساد الإداري والمالي التي اجتاحت العراق في الحقبة نفسها كما تجتاح النار حقلاً يابساً في عزّ الصيف.
الواقع أنّ ثمة ربطاً بين الظاهرتين .. كان الكثير من العراقيين يظنّون أنّ قوى الإسلام السياسي التي تولّت السلطة في البلاد منذ 2003 ستحقّق لهم ما ظلّوا يَصْبَون إليه طويلاً: الحدّ من الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية والأمن، فراحوا يصوّتون لمرشّحي هذه القوى في الانتخابات العامة والمحلية، بيدَ أنّ الذي حصل هو خلاف المُرتجى والمأمول.
بالنسبة للغالبية من العراقيين الآن، يتبدّى ممثّلو قوى الإسلام السياسي المتنفّذون في أجهزة الدولة في صورة عصابة من اللصوص الذين لا يشغلهم شيء غير السرقة والمزيد من السرقة للمال العام، بل تشمل عمليات السرقة هذه أموالاً وممتلكاتٍ خاصة أيضاً.
هذه المجموعة من السرّاق لم تسرق وتسكت، بل هي تواصل إظهار تمسّكها الزائف بالدين وشعائره والعمل على شرعنة سرقاتها دينيّاً ومذهبيّاً، وقانونيّاً كذلك عبر مجلس النواب ومجالس المحافظات .. والنتيجة المنطقية لذلك أن يكفر الناس بالدين والمذهب،لتهشمّ صورة القدوة، وبخاصة الشباب الذين يطحنهم الفقر والبطالة والتهميش فيما هم الفئة الأكثر وعياً في المجتمع الآن بفضل تكنولوجيا المعرفة والتواصل الاجتماعي فائقة التطوّر والتقدّم.
الشيخ الكربلائي قال لمجموعة من الشباب من وسط وجنوب العراق التقاهم قبل يومين: "هناك فشل في الأداء الحكومي ويجب أن نقرّ ونعترف بهذا الفشل، ويجب التصحيح وإيجاد مواضع الإخفاق والخطأ"، ورأى أنّ "من نتائج الأخطاء الماضية الانحراف الحاصل بين الشباب في موضوع الإلحاد وعملية انتشاره، بسبب الانحرافات والتأثيرات والتدهور الثقافي والاقتصادي في البلد"، مشيراً إلى أنّ "المرجعية تطالب بالتدقيق في تجربة الانتخابات وما هي أوجه الفشل في هذه الممارسة الديمقراطية".
في الجملة الأخيرة يضع ممثل المرجعية الإصبع على الجرح .. العملية السياسية القائمة بشكلها الحالي هي مصدر كلّ الشرور. والعملية السياسية هي نظام المحاصصة الحزبية غير الدستوري والنظام الانتخابي غير العادل وغير النزيه .. نظام المحاصصة والنظام الانتخابي هما ما مكّنا اللصوص من حكم البلاد باسم الدين والمذهب.
المدخل لإعادة الشرور التي يواجهها مجتمعنا إلى صندوق باندورا الذي انطلقت منه، يكون ليس فقط بالقبض على اللصوص وتقديمهم إلى العدالة واستعادة ما سرقوه، إنما أيضاً بإغلاق الباب التي دخل منه اللصوص إلى البيت، وهذا يكون بإعادة النظر جذريّاً في العملية السياسية، خصوصاً لجهة نبذ نظام المحاصصة الحزبية وإلغائه، وتشريع قانون للانتخابات غير القانون الحالي.. قانون يضمن النزاهة والعدل والشفافية، وتشكيل مفوضية للانتخابات لا تشبه المفوضية الحالية ولا سابقاتها.. مفوضية مستقلّة بحق. كلّ هذا لضمان ألّا يبقى اللصوص في السلطة وألّا يعودوا إليها إذا ما أُخرِجوا منها.
بخلاف هذا، كلّ كلام في الموضوع يكون خارج نطاق التغطية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. مارسيل فيليب

    خوفي ان لا توصي المرجعية بأنتخاب قادة الميلشيات او ان تطلب ( ضخ ) مزيد من أصحاب العمائم ... لغرض تقويم ( الشباب الملحد )....!

  2. سمير العراقي

    الاحزاب الدينية ينقصها الذكاء والكفاءة في كل الاحوال ولايمكنها ان تصلح نفسها...ومحاولة المرجعية الترقيعية لتعديل مسارها غير مجدية! وفي كل الاحوال فان الشباب العراقي المتنور مستمر بوضع الدين تحت المجهر سواءً كان اداء الحكومة جيد ام سئ....هي ظاهرة عالمية ت

  3. بغداد

    استاذ عدنان حسين مقال في غاية الروعة وبالأخص الذي يعرف يقرأ ما بين السطور في مقالك وفِي جميع مقالاتك اما بخصوص موضوع انتشار الألحاد بين شباب العراق فأسبابها واضحة ونجزم ان وراء تفشي الألحاد فقط رجال الدين الذين جعلوا الشباب تهرب من الدين فلا كارل ماركس هو

  4. فؤاد البغدادي

    الطريق نحو القضاء على الفساد هو بإيجاد نظام قضائي مستقل, وسحب هيئة النزاهة من حزب الدعوة وتسليمها الى شركة محاماة عالمية

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram