يصف البقال (زياد) ما تعرضه بسطيته من خضروات، فالطماطم إيرانية والبطاطا تركية والخيار أردني والباذنجان مصري، وهي المحاصيل الأساسية التي تدخل في المائدة العراقية اليومية. المتسوقة وفاء ياسين، موظفة حكومية، اعتادت التسوق من منطقة الصدرية وسط بغداد وهي في حيرة دائمة في تفضيل مادة على أخرى، فأغلب ما معروض مستورد ولا يرتقي الى المحاصيل المحلية وجودتها. مبديةً أسفها على ما آلت إليه الزراعة في السنوات الأخيرة من تردٍ تقف خلفه مصالح تجارية.
القطاع الزراعي كبقية القطاعات الانتاجية، شهد تراجعاً كبيراً في الإنتاج، فمعظم الخضروات والفاكهة التي تملأ الأسواق العراقية، مستوردة من دول الجوار، ووفقاً لمقرر لجنة الزراعة في البرلمان، عبد الهادي خير الله، فإن العراق يستورد أكثر من 75% من المنتجات الزراعية من إيران وتركيا ومصر، من أبرزها الطماطم والخيار والبطاطس والباذنجان والفواكه، مضيفا: أن إيران أولاً، ثم تركيا ثانياً، ومصر ثالثاً ضمن تسلسل البضائع الزراعية المستوردة، لافتاً إلى أن إيران صدرت للعراق نحو 110 آلاف طن من السلع الزراعية، خلال أربعة أشهر فقط.
وجراء الإهمال الحكومي وغياب الدعم والاستيراد العشوائي، اضطر الكثير من المزارعين إلى بيع أراضيهم أو تركها كونها لم تعد منتجة وتسدّ كلفة الزراعة وبشكل خاص محصولي الرقي والبطيخ المعفيين من التعرفة الجمركية. أما بقية انواع الفواكه وبشكل خاص الحمضيات، فقد تسيّدت السوق في ظل النقص الكبير للمنتج المحلي الذي تضرر كثيراً في معقله الأول محافظة ديالى بفعل الإرهاب والعمليات العسكرية، ومنها بوجه الخصوص الرمان والبرتقال.
أحمد فياض مزارع، استبدل مهنة الفلاحة بأخرى أكثر جدوى حسبما ذكر، بسبب شح المياه أولاً، وعدم توفر الدعم الحكومي بل وغياب الاهتمام، لتوجه الكثير من الساسة والمسؤولين الى فتح شركات الاستيراد حسبما بيّن.
فيما أبدى لطيف العتبي أسفه على حال الأرض التي يملكها دون أن يستفيد منها بشكل كبير بسبب استيراد الخضروات أيام نزول الإنتاج المحلي، عازياً سبب ذلك الى مصالح بعض الساسة وغياب التخطيط الحكومي الذي يهدف الى انقاذ القطاع الزراعي الذي يعد من القطاعات المهمة في دعم الموازنة العامة للبلاد.
تشير الأرقام الى أن العراق استورد خلال 13 عاماً محاصيل زراعية بقيمة تقدّر بـ(54) مليار دولار، وفقاً لميزان المدفوعات للبنك المركزي. وانه لم يستغل إلا (6) ملايين دونم تمت زراعتها من أصل (52) مليون دونم صالحة للزراعة التي تُسهم بنحو (7%) من الناتج المحلي الإجمالي. الأمر الذي يدل على تخلف وتردي القطاع الزراعي لأسباب عدة، يقف الفساد والاستيراد في مقدّمتها مع انعدام الخطط الكفيلة بتطويره بسبب غياب الكفاءات والقدرات الإدارية التي يمكنها النهوض بهذا القطاع الحيوي، كما لايمكن إغفال دور الإرهاب في ذلك التردي، خاصة باستهداف الحقول والبساتين في ديالى والأنبار والموصل وصلاح الدين.
ريبورتاج: محاصيل زراعية مستوردة تطرد المحلية من الأسواق
نشر في: 28 ديسمبر, 2017: 12:01 ص