TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > طيّارة ورق نيابيّة- رئاسيّة!

طيّارة ورق نيابيّة- رئاسيّة!

نشر في: 23 ديسمبر, 2017: 02:54 م

adnan.h@almadapaper.net

 

من مفارقات عهدنا العراقي "الزاهر" و"وارف الظلال" الراهن، أن يُوقّع رئيس الدولة على قانون انضمام دولتنا إلى اتفاقية دولية تخصّ قطاعاً كفله الدستور الدائم ولم ينظّمه أي قانون خلافاً لأحكام الدستور!... معنى هذا أن التوقيع لا معنى له ،لأن عملية الانضمام لا قيمة لها!
المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية أعلن الخميس الماضي عن أنّ الرئيس فؤاد معصوم قد صادق في ذلك اليوم على قانون انضمام جمهورية العراق الى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي.
بيان المكتب الإعلامي حرص على التذكير بأنّ هذه المصادقة على القانون الذي شرّعه مجلس النواب جاءت "استناداً الى أحكام البند ( أولاً) من المادة ( 61) والبند (ثالثاً) من المادة (73) من الدستور" ، وأن الهدف المبتغى من تشريع هذا القانون والمصادقة عليه هو " تعزيز الحرية النقابية كوسيلة لتحسين أوضاع العمال لإقرار السلم، وتكريس الحقّ في تأسيس النقابات والانضمام إليها وحمايتها والحق في الانضمام إلى منظمات دولية للعمال ولأصحاب العمل، ولغرض انضمام جمهورية العراق إلى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي رقم ( 87) لسنة 1948 ".
لا الذين قدّموا إلى رئيس الجمهورية صيغة القانون الواردة من مجلس النواب للتوقيع، ولا الذين كتبوا هذا البيان في المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية، ولا – قبلهم – أعضاء مجلس النواب الذين قرأوا مسودة القانون الواردة من الحكومة وناقشوها تحت قبة البرلمان ورفعوا أيديهم بالموافقة عليها وإجازة القانون، سألوا أنفسهم: هل لدينا ، قبل ذلك، قانون ينظّم العمل النقابي لننضمّ إلى اتفاقية دولية تخصّ الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي؟
دستورنا الدائم الذي استُفتي عليه الشعب في ظروف صعبة ( أواخر 2005) متحدّياً الإرهاب نصّ في البند (ثالثاً) من المادة (22) على أن "تكفل الدولة حقّ تأسيس النقابات والاتحادات المهنية، أو الانضمام إليها، ويُنظّم ذلك بقانون". حتى اليوم، بعد 12 سنة بتمامها وكمالها، لم يشرّع مجلس النواب قانوناً ينظّم ما كفله الدستور وألزم به، مع أنّ مسودة قانون النقابات والاتحادات موجودة لدى المجلس منذ وقت بعيد، ومع أنّ المطالبات بتشريع القانون تجري في مناسبة ومن غير مناسبة، فهذا القانون واحد من القوانين اللازمة لبناء الدولة، مثله مثل قانون الأحزاب وقانون الانتخابات وسواهما، لتبقى النقابات تعمل بقوانين عهد صدام المناهضة للعمل النقابي الحرّ!
معنى هذا كله أن مصادقة رئيس الجمهورية على هذا القانون وكأنها لم تكن، وأنّ القانون الذي أنفق عليه "نواب الشعب" بعض وقتهم وتلقّوا عنه رواتب وامتيازات يندر نظيرها في العالم كله "لا محل له من الإعراب" بحسب التعبير الشعبي الدارج، فحقّ تأسيس النقابات والاتحادات المكفول دستورياً غير مكفول قانونياً.
خلاصة الكلام إن ما فعله مجلس النواب بسنّه قانون انضمام العراق إلى اتفاقية الحرية النقابية وحماية التنظيم النقابي الدولية، ورئيس الجمهورية بمصادقته على القانون، والمكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية بإعلانه خبر المصادقة على القانون، إنّما قاموا جميعاً بما يُشبه إطلاق طيّارة ورق في الهواء ... لا تصلح لغير الفِرجة!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. بغداد

    استاذ عدنان حسين وايضاً جميع وعودهم التي يطلقونها من تحت قبة الهرطمان عبارة عن طيارة من ورق لأن العراق لا يوجد فيه دولة أصلاً وهي دولة التنك والفافون وكل دردهم وهمهم وغمهم ان يضحكوا على الشعب وينصبوا عليه من اجل النهب والسرقات عن طريق رواتبهم الخيالية الت

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram