الكويتيون (شدّة ورد).. هكذا بدا تضافرهم وتساميهم فوق الخلافات الكبيرة، ليعطّروا أروقة خليجي 23 ويجذبوا ضيوفهم للإبهار بوحدة صفّهم تجاه مهمة إسعاد وطن كسر تواً قيود الفيفا وقَبلَ التحدّي لإنجاح أكبر تجمع خليجي أسند إليه خلال عشرة أيام! فالحروب الشخصية الطاحنة التي كانت مستعِرة قبل شهر من الآن بسبب تضارب مواقف كبار القوم في مجلس الأمة ووزارة الشباب واللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم حول أزمة القانون الرياضي الكويتي ولائحة تنقيحه الحكومية، أصبحت كلها وراء ظهورهم، كمسؤولين مؤتمنين على مصلحة سمعة بلادهم، فدرس السنتين الماضيتين كان قاسياً، وما بقي منه لتحفيزهم على تطبيق القانون المتوافق مع الفيفا لن يُحيل دورة الخليج إلىهُدنة تستأنف بعدها حروب التصريح، بل يمنحكم الأمل لتضميد "الأزرق" الجريح!
***
أيُّ فألٍ هذا سبق انطلاق دورة خليجي 23 بإعلان وفدي السعودية والإمارات الانسحاب من المؤتمر الصحفي بذريعة عدم الرغبة في الحديث أمام بعض وسائل الإعلام التي تمثّل دولة قطر، أنها إهانة صريحة للإعلام الرياضي الذي لا تعنيه الأزمة الخليجية، لم يحضر للمؤتمر لإثارة قضايا سياسية، بل جاء متحمّلاً مصاعب عدّة، وأنفق الأموال الباهظة من أجل تغطية الدورة وتقصّي حقائقها الفنية التي تُغني رسائله بحصاد مهني عادل لجميع المنتخبات، أما الاحتجاج الذي تظاهر به الوفدان المذكوران فلا مكان له في الرياضة و..معذرة ، تصرّفهما يعبّر عن عدم الاحترام لرجال الإعلام، والاتحاد الخليجي لكرة القدم مطالب عبر لجنته الإعلامية بالتنبيه عن ذلك مستقبلاً!
***
لم يعد مصير دورة الخليج يحتمل المزيد من المجاملة على حساب كتمان الحقيقة التي أخذت تتكامل في أجزاء كبيرة منها، فالمستوى الفني مهدّد بضربة ماحقة نتيجة قرارات بعض الاتحادات بجعل المشاركة محطة لاختبار شباب جُدد يؤهّلون للمنافسات القارية أو المونديالية، ومع أن الدورة الخليجية ذاتها أسهمت ببروز أسماء مهمّة في تاريخ الكرة العربية ودفعت الكويت والعراق والإمارات والسعودية - حسب تسلسلها تأريخياً - للتأهل الى بطولات كأس العالم، لكن افصاح بعض المنتخبات بالتعاقد مع المدربين بعقد طوارئ واعتماد عدد كبير من لاعبي الأولمبي والاستعاضة عن المعسكرات الخارجية بمنافسات الدوري المحلي، كل ذلك مؤشّر سلبي يقوّض القيمة الفنية المستحصلة من دورة الخليج، لاسيما أن قرار الفيفا باعتمادها ضمن أجندته يمهّد لاتخاذ قرار لاحق بدرجها ضمن روزنامته لتصبح كالبطولات الدولية التي تُلزم اللاعب المحترف الالتحاق بمنتخب بلده قبل 72 ساعة، وهذا يحتّم الانتباه الى محاولات إضعافها وهي في سن السابعة والأربعين!
***
يسعدنا تواجد قائد المنتخب الوطني السابق (السفاح) يونس محمود بين نخبة المحللين في برنامج المجلس من شاشة قناة الدوري والكأس القطرية ممثلاً وجهة النظر الشبابية بحكم المكانة الجماهيرية والنجومية التي يتحلّى بها، لكن يحتاج الى قراءات متأنية وتحليلات مدروسة قبل الإدلاء بآرائه التي تُحسب عليه أحياناً إذا ما أخطأ، كون البرنامج يعرض مباشراً للجمهور، مثلما تحتاج بعض التوقّفات الاستفهامية للمقدّم الزميل خالد جاسم أجوبة فورية من دون تأثير عاطفي أو تحفّظ، ليضع يونس كلمته بالهدف بجرأته المعروفة كما كان يُمتعنا ويُفاجئنا بكراته وهي تتهاوى في شباك المتنافسين مهما كانت قوة وشراسة دفاعاتهم!
***
ضوء خافت: علي كاظم – جلاد حرّاس الدورة الرابعة لكأس الخليج 1976 في الدوحة، سجّل سبعة أهداف وحلّ ثالثاً بعد جاسم يعقوب (9) وفيصل الدخيل (8) أهداف، كما نال كأس أفضل لاعب في الدورة، لم تصبه لوثة اللؤم بين زملائه، كان يحرص بإيثار عالٍ على أن يسجّلوا بدلاً منه إذا ما أتيحت لهم الفرصة، فكم مهاجماً اليوم يقتدي بروحية الجلاد؟!