اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > "غورنيكا".. وما تزال الوحشية التي ألهمت بيكاسو اللوحة!

"غورنيكا".. وما تزال الوحشية التي ألهمت بيكاسو اللوحة!

نشر في: 23 ديسمبر, 2017: 12:01 ص

يتطلب الأمر مؤلفاً جريئاً كي يفتتح كتابه حول "غورنيكا" باقتباس من الفنان الأسباني أنتونيو سورا يأسف "لعدد الكتب السيّئة التي كُتبت وستُكتب " عن هذه اللوحة. ولحسن الحظ فإن دراسة جيمس أتلي James Attlee عن هذا العمل المتميز لبيكاسو ليست كتاباً سيئاً، فالمؤلف يبني هنا على فهمٍ تاريخي وثقافي متين للّوحة كي يجمع ويرتب المعلومات المتعلقة بردود الأفعال عليها عبر 80 عاماً، وفقاً لقول كلوديا ماسي في عرضها هذا.
يبدأ جيمس أتلي بشهر آيار 1937، حين كلفت الجمهورية الأسبانية، في ذروة الحرب الأهلية، بيكاسو برسم لوحة توضع في جناحها في "معرض العالم" بباريس. وكانوا يأملون في أن الفنان الشهير سيساعد في تأمين التعاطف، والتمويلات، وبشكل مهم التدخل السياسي في القضية الجمهورية. وقد كافح بيكاسو مبدئياً من أجل أن يجد له موضوعاً، لكنه أثارته أخيراً التقارير المتعلقة بهجوم قاده القوميون على بلدة غورنيكا الباسكية الآمنة.وكان رد فعله على الهجوم مكتملاً في غضون شهر وسرعان ما أخذ مكانه في جناح الجمهورية من المعرض في باريس، وقد صممه المعماري الكتالاني خوزيه يوس سيرت. وكان تقبله خليطاً من المواقف. فقد وجده كثيرون من اليسار تكعيبياً أكثر من اللازم، وواقعياً على نحوٍ غير كافٍ لأن يفهمه العمال والكادحون. واعتبره الفنان الباسكي خوزيه ماريا يوسلَي ليس أكثر من "عُهرٍ، تغوّطٍ على غورنيكا"!
وقد غادرت اللوحة الشهيرة باريس لتباشر رحلةً عالمية لا قرار لها، أولاً كبائع متنقل للقضية الجمهورية ثم كواحدة من ثوابت صالونات العروض الفنية في نيويورك. ويستخرج أتلي أمثلةً غنية هنا على النقاش والتعلق الذي لازم اللوحة بشكلٍ ثابت. وبعد الكثير من التشاحن السياسي والقانوني، نُقلت "غورنيكا" إلى مدريد، وبدأت، للسخرية، حياةً جديدة كرمز علني للديمقراطية والوحدة الأسبانية.
ويمكن القول إن "غورنيكا" لوحة تحف بها تناقضات وعرة، مع هذا. فهي محمَّلة بالرمزية واللا شفّافية على نحوٍ مُحبِط معاً. والشعلات العنيفة، والنساء المكروبات، والطفل الميت، والجندي الساقط (أم أنه تمثال؟) تتحدث بأنفسها؛ لكن ماذا عن الثور، المصباح، أو الفضاء التصويري المسطَّح؟ ولماذا اللون الأحادي؟ ... إن ندرة الإجابات الوافية تستدعي أسئلةً لا نهاية لها، والمؤلف يتحرج وهو على صواب من الاستنتاجات القاطعة. وتفسير بيكاسو لذلك كله كان يروغ هنا وهناك. وإذا ما تم الضغط عليه، فإنه يمكن أن يستنبط ما كان يبدو جواباً حاسماً فقط ليناقض ذلك في مقابلة تالية. وربما كان رده الأكثر إرضاءً، " إن الأمر يعود للجمهور ليرى ما يريد أن يرى." وقد حافظت "غورنيكا"، ربما بسبب هذه الميوعة الرمزية، على هيمنة قوية مستمرة على روحنا الجماعية. فتجد السياسيون يستشهدون بها غن طيب نفسٍ في دعم مناظراتهم، والفنانين يتبنونها ويكيّفونها، والمعارضون يعيدون توظيفها على الدوام: وقد كان لـ "غورنيكا" حضورها في احتجاجات برشلونة مؤخراً. وهناك نسخة قماشية مزيّنة، مرخّصة من بيكاسو، خارج غرفة اجتماعات مجلس الأمن في الأمم المتحدة في نيويورك، تذكّر افتراضاً بالقوى العظمى التي في الداخل.
وأدب "غورنيكا" يطول الحديث عنه، لكن هذا الكتاب إضافة لها وزنها. ومع ذلك فإني انتهيت من قراءته بشعور من الكآبة. ذلك أن المؤلف، بإلحاقه هذه الثمانية عقود من الفزع والأمل بلوحة غورنيكا، يؤكد على فشلنا في التغلب على الوحشية التي ألهمت بيكاسو اللوحة. ويبقى الخوف عملة الصراع؛ والحرب تتثبّت؛ ومما يصدم أيضاً أن نجد أسبانيا تترنح مرة أخرى على حافة مستقبل مشكوك فيه. ولقد أعلن بيكاسو ذات مرة "أن الفن وسيلة للحرب"، لكن إذا كان ذلك صحيحاً، فقد أثبت أنه وسيلة غير فعالة على نحوٍ محزن.
 عن: The spectator

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram