من المؤمل أن تصدر قريباً الترجمة الانكليزية لكتاب (1947) للكاتبة السويدية اليزابيث اسيبرينك وهي كاتبة وصحفية مشهورة ولدت عام 1965وقامت بتأليف عدد من الكتب التي تناولت القضايا الاجتماعية في زمننا المعاصر

في كتابها الجديد هذا تقدم لنا دراسة رائعة، ومتسلسلة لأحداث العام 1947 والكتاب بمثابة تاريخ مصغر لتلك الأحداث، وغالبا ما تكون أشارات الكاتبة ذات منحى اجتماعي وليس سياسي ، و تشمل بالاضافة الى هذا نظرة على تاريخ عائلة المؤلفة نفسها. إليزابيث اسبرينك تركز على الأحداث في أوروبا ثم تنتقل إلى الشرق الأوسط والولايات المتحدة. فمع حلول عام 1947 استقرت الفوضى التي اعقبت الحرب العالمية الثانية قليلا؛و بدأ الناس في التعامل مع أنقاض النظم الاجتماعية والمعتقدات السياسية فضلا عن أطلال المباني المهدمة وشرعوا في محاولة الحصول على معرفة الحد الادنى لما يمكن القيام به في السنين القادمة. كانت محاكمات نورمبرغ جارية على قدم وساق، وبدأ مشروع مارشال أولى خطواته ، ومنظمة الأمم المتحدة قد أنشئت للتو، وقضية أوروبا الموحدة أصبحت على الأقل قيد المناقشة. ونتعرف في الكتاب على الجهود البريطانية، التي كانت تتوالى بلا كلل ولا ملل وبشكل مضحك ، للتراجع بسرعة عن التزاماتها تجاه مستعمراتها في الهند والشرق الأوسط؛ و المؤلفة تتجاهل مكائد الإمبراطوريات الأخرى المحطمة، التي كان يديرها الفرنسيون والهولنديون واليابانيون، كما هو الحال بالنسبة إلى العديد من التطورات الأخرى، لأنها لا تستحق حسب اعتقادها مكاناً لها في كتابها.
تؤمن الكاتبة بالمعتقدات الليبرالية لعائلة أوروبية نموذجية. وهي ترفض إبقاء حياة الفرد منفصلة عن "التاريخ"، وتضع المسألة اليهودية في صميم خطابها الشخصي والسياسي ؛ وحين يعيش قدامى النازيون بشكل سري في أمريكا اللاتينية، تظهر مراكز جديدة لهم في أوروبا. وعندما يكون البريطانيون على وشك التخلي عن فلسطين ، تجد معاداة السامية موطئ قدم جديد لها في الشرق الأوسط حيث تنمو حركة الإخوان المسلمين وتحوز على شعبية كبيرة.
في الكتاب الكثير من اللقطات الجذابة والمؤثرة : سيمون دي بوفوار تذهب إلى الولايات المتحدة وتقع في الحب. ،. أميركا تصبح مصدر جذب للمنفيين، ولكن يتنامى داخلها خليط سام من العنصرية واضطهاد "أنشطة الاجانب" مما يوقع عدداً من الضحايا. قائد البحرية الاميركية الجنرال غريس هوبر مشغول بابتكار الكومبيوتر ؛ جورج أورويل مريض ويعيش معظم وقته وحيداً في جزيرة هبريدان، ولكنه يشعر بالسعادة وهو ينكب على العمل في كتابه الأخير: 1984.
1947كتاب يحتوي على قراءة واسعة جدا ولكن، على عكس غيره من الأعمال "التي تركز على سنة معينة "، يبدو عملاً غير أكاديمي: ليس فقط لأن اختيار الأحداث كان انتقائيا ولكن لأنه أيضاً لا يحوي فهرساً أو مذكرات منهجية؛ عدا مجموعة من التعليقات غير الرسمية، ولكنه مثال رائع على اقتراب الاعمال التاريخية من الاسلوب الروائي: كتاب يطرح الاسئلة ، بنظرة ثاقبة، الى أحداث الماضي..
لقد شهد العالم في تلك السنة، حركة نزوح لم يسبق لها مثيل بعد الحرب العالمية الثانية. وقسمت الأمم المتحدة فلسطين لإنشاء دولة إسرائيل، وانقسمت الهند البريطانية واصبحت دولتين هما الهند وباكستان. و تم تعريف مفاهيم مثل حقوق الإنسان والإبادة الجماعية من الناحية القانونية للمرة الأولى، و أنشئت وكالة المخابرات المركزية، واكتشفت أولى الخطوات نحو ابتكار الكومبيوتر. وكانت النساء تقاتل للحفاظ على وظائفهن بعد عودة الرجال إلى ديارهم بعد انتهاء الحرب، كما بدأت سيمون دي بوفوار في كتابة الجنس الثاني (الآخر). وفي الوقت نفسه، ينتهي ، توماس مان من روايته الدكتور فاوستوس،
وفي وسط كل ذلك، كان يعيش صبي هنغاري يبلغ من العمر 10 سنوات في مخيم لللاجئين يضم الأطفال الذين قتل النازيون آبائهم. وكان عليه في هذا العام أن يتخذ قراراً من شأنه أن يحدد مصيره ومصير ابنته التي لم تكن قد ولدت بعد ،وهي اليزابيث اسيبرينك مؤلفة هذا الكتاب.
 عن: وورد ليتريجر