مع بداية عام 2018 ، لخص الرئيس الصيني (شي جين بينغ) لشعبه حصاد الإصلاح الذي بدأ في بلده منذ 40 عاماً، وبالأرقام فأعطاهم قيمة الناتج المحلي وماتحقق من فرص تأمين طبي وفرص حماية للمسنين بالأرقام أيضاً، كما ذكر أعداد المنازل التي تمّ توطين الفقراء فيها وعدد المشاريع التي أسهمت في تطور الصين وازدهارها، فضلاً عن أرقام أخرى عديدة.. يُقال أن الرؤساء المحترمين يتحدثون بالأرقام، لأنَّ الأرقام لا تكذب وهو مافعله الرئيس الصيني، فهل نتحدث قليلاً عن أرقامنا نحن؟..
لو تناولنا أحد المسؤولين لدينا إنموذجاً، يمكننا مثلاً، أن نتحدث عن عدد أفراد حمايته الذي يرعب من يفكر يوماً في التعرض له ولن نذكر طبعاً الأسماء الفضائية التي يتسلّم المسؤول رواتبهم بدلاً منهم، كما لن نذكر عدد قطع السلاح التي يتسلمها المسؤول بالنيابة عنهم فكلها أرقامٌ مرعبة..
يمكن أن تكون الأرقام لدينا مدعاة للسخرية أيضاً، فعندما قرر رئيس الوزراء حضور مؤتمر إعمار العراق في الكويت، ضم الوفد المرافق له 143 مسؤولاً من الرئاسات الثلاث والوزارات والمحافظات والهيئات والمنظمات، وبينما يصرح المسؤولون الدوليون بصعوبة حصول العراق على المبلغ الذي يحتاجه لإعمار المدن المهدّمة لارتباطه بالفساد، يترتب على العبادي مهمة كشف ذمة مرافقيه لإثبات عدم ارتباطهم بالفساد وهي مهمة عسيرة حتماً، خاصة إذا كان اثبات ذلك يتطلب ذكر الأرقام التي لاتكذب !!
وهنالك أرقام تتسبب بخلافات مثيرة للسخرية والجدل أيضاً، ففي محافظة ديالى، دبَّ خلاف كبير بين عدد من المرشحين للانتخابات حول أرقام تسلسلهم في القوائم الانتخابية، وانتهى ذلك باشتباكات بالأيدي وإطلاق رصاص، وهذا مؤشر كبير يمنحنا صورة واضحة عن مستوى الانتخابات المقبلة، فإذا كان المرشحون يتقاتلون من أجل رقم في قائمة فكيف سيكون الحال إذن حين (يمتلكون) مقاعد السلطة ويصبح الالتصاق بها مهمتهم الأولى والانتفاع منها مهمتهم الثانية..
للأرقام في بلدي دورٌ مهم منذ أن ارتبطت بمليارات الدولارات التي تسربت من ثروة العراق وبصفقات الفساد التي ترتب عليها ذلك، وبعدد الرجال الذين تساقطوا في الحروب وماتبعها من عنف وأحداث ساخنة، ولأننا اعتدنا على كذب المسؤولين وفسادهم، فلا نتوقع أن نحظى بأرقام صادقة أو نأمل مجيء يوم يطلعنا فيه المسؤولون على حصاد إصلاحهم أو مشاريعهم العملاقة في البلد.. وبالأرقام..
مجرد كلام: بالأرقام
[post-views]
نشر في: 24 فبراير, 2018: 08:08 م