لا تتبرّأ من صديقك لحظة الغضب.. فقلبه صافٍ بريء من الحقد، أمهله الوقت الكافي ليستدرك فداحة خطأه.. يفترض بهذه الصورة أن تبلور الناس قناعاتها للترفع عن ردّ الإساءات مهما كانت جارحة، لأنها نشأت على الود والتسامح والعفو عند المقدرة.
وما أصدق قول الحقيقة عندما يأتي ذكرها على لسان صاحبها ممن ارتبط اسمه بأزمة ووضعته الأقدار ليكون في مواجهة مباشرة مع أطراف الأزمة نفسها، تلك ما أباح بها الزميل عبد العزيز المريسل، أحد أعضاء الوفد الإعلامي السعودي الذي غطى المباراة التاريخية للعراق والسعودية في ملعب جذع النخلة بمدينة البصرة الرياضية الأربعاء الماضية، حيث ذكر في تصريح خصّ به قناة SPORT24 حال عودته لبلده أنه يشعر بارتياح كبير بعد زيارته العراق أول مرّة ولقائه الجمهور الغفير خارج الملعب الذي احتشد أضعاف عدد الحضور داخله، وأنه اكتشف أن العراقيين أكثر هوساً من السعوديين في عشق كرة القدم، وذكر أن وزير الشباب والرياضة العراقي حمّل الإعلاميين السعوديين أمانة نقل ما شاهدوه دون نقص أو زيادة، بخاصة عن موضوع الأمن الذي عايشوه في الفندق والشارع والملعب، واختتم المريسل حديثه قائلاً، إنه يفترض أكثر إعلاميي الوفد خوفاً من التواجد في العراق على خلفية المشكلة بينه وبين رئيس اتحاد الكرة عبدالخالق مسعود، لكنه كان مطمئنّاً وأحاطه الناس بمشاعر المحبة والاعتزاز.
لم يكن المريسل مجبراً على تصريحه لاسيما أنه يتحدث وسط أهله ولقناة سعودية، لكن الدافع المهني وأمانة الرسالة التي نقلها من قلب الحدث البصري وكرنفال الحفاوة العراقية لإخوة باعدتهم ظروف سياسية قاهرة سنيناً طويلة كان وراء شجاعته المستمدّة من وقائع الساعات الثماني والأربعين في (دارك يالأخضر) لمواجهة الشعب السعودي بحقيقة استقرار ظروف العراق وبطلان أكاذيب تدهور الأمن فيه، بل أنه بات أكثر جاهزية لتضييف البطولات الكبيرة تأسيساً على نجاحه في جمع فريقين كبيرين وسط حضور جماهيري فاق ستين ألف مشجّع دخلوا الملعب بهدوء وخرجوا منه على وقع فرح غامر في ليلة خليجية لن تنساها الكرة العراقية أبداً.
رسالة المريسل من دون شك، هي رسالة كل إعلامي سعودي نقل تفاصيل رحلته الى البصرة، وشهاداتهم الحيّة مؤثرة لدى اصحاب القرار الرياضي هناك ليكون دورهم الدولي بمستوى الثقة التي نعرفها عنهم كي يسهموا في إنهاء ملف الحظر، مثلما كان حديث رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم سلمان بن إبراهيم صريحاً بالإشارة الى أن كرة الحظر أصبحت في ملعب الآخرين، ليأتوا ويفتحوا الملف على الأرض، وكعرب لا نتوانى عن الإسراع في عودة المباريات الدولية الرسمية لتقام في العراق.
وماذا بعد؟ يبقى أن تستفيد وزارة الشباب والرياضة من الملاحظات التي أفرزها الحدث من خلال لقاء مسؤولي محافظة البصرة وممثلية اتحاد كرة القدم وتدارس أبرز المشكلات التنظيمية التي واجهتها خارج الملعب مع نقل تلك الملاحظات الى اجتماع مكثّف مع اتحاد كرة القدم والاطلاع على الاشارات النقدية الموضوعية لإعلاميينا الذين واكبوا الحدث لتتمكن الوزارة من تلافي السلبيات قبيل بدء التحضيرات لاستقبال وفود البطولة الرباعية الودية خلال النصف الثاني من آذار الحالي، كي تضيف إنجازاً جديداً لقدرة الملاكات التنظيمية العراقية على تنفيذ المهمات بكفاءة عالية. وحتى ساعة صدور قرار الفيفا بتقييم أهلية ملاعبنا، لا يسعنا إلاّ أن نبارك للكرة العراقية خروجها الآمن من اختبارات التحدّي وسط ثناء وسعادة الأشقاء وتفاؤلهم بقرب تحريرها من قيود الحظر.
مصارحة حرة : رسالة "المريسل" أمانة
[post-views]
نشر في: 3 مارس, 2018: 06:58 م