TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: لا توقّعوا على هذا القرار!

شناشيل: لا توقّعوا على هذا القرار!

نشر في: 3 مارس, 2018: 07:33 م

adnan.h@almadapaper.net

 

القمة العربية المقبلة، التاسعة والعشرون، سيكون على جدول أعمالها موضوع مهم للغاية يتعلّق بصحة ملايين الناس من العرب وغير العرب العائشين في دول الجامعة العربية.
وزراء الصحة لدول الجامعة العربية قرّروا في اجتماع مجلسهم التنفيذي الأخير في القاهرة أن يطرحوا على القمة التي ستنعقد في العاصمة السعودية، الرياض، نهاية الشهر الجاري اتّخاذ قرار بفرض حظر شامل على التدخين في الدول الأعضاء في الجامعة.وإذا ما تبنّت القمة هذا فأنها ستقدّم خدمة عظيمة لشعوب البلدان العربية، لكنني أنصح الوفد العراقي، أياً كان رئيسه، بأن يتّخذ موقف الحياد .. لا يعارض ولا يؤيد.
لماذا؟
المُفترض أن قرارات القمة تكون مُلزِمة للدول التي يوقّع ملوكها ورؤساؤها أو ممثلوهم عليها، لكنّ التجربة علمتنا أن هذا ليس بالحكم الأكيد والقاطع فالقمم الثماني والعشرون السابقة اتّخذت مئات القرارات، أكثر من نصفها لم يُنفّذ أبداً لأن تلك القرارات، في الأساس، وُضِعت للاستهلاك المحلّي وتحت تأثير مزايدات الانظمة الدكتاتورية (القومية).
حتى لو تقيّدت كل الدول العربية بتنفيذ القرار المفترض الخاص بحظر التدخين (في الأماكن العامة بالطبع) فإن دولة العراق بالذات لن تكون قادرة على التنفيذ، ولهذا السبب اقترح التزام موقف الحياد حيال هكذا قرار، لأن عدم تنفيذ القرار في العراق سيقلّل من شأن الدولة العراقية وينتقص من قدرها واعتبارها، إذ ستسجل الاجتماعات اللاحقة لوزراء الصحة والقمم القادمة أن العراق قد أخفق في الوفاء بالتزاماته على هذا الصعيد.
أقول هذا لأنه سبق وأن سنّت الحكومة قانوناً بحظر التدخين حتى في وسائل النقل، لكنّ أحداً لم يلتزم به، وأحداً من ممثلي الدولة ( الشرطة، الفرق الصحية..) لم يسعَ الى محاسبة منتهكي القانون .. ظلّ التدخين شائعاً حتى في المستوصفات والمستشفيات العامة والخاصة، فضلاً عن سائر دوائر الدولة، ولم نسمع يوماً بأن وزيراً ما أو مديراً ما قد عاقب موظفيه المدخنين ليكونوا عبرة لغيرهم.
عدا عن هذا فإن مدن العراق وأريافه حافلة بكل ما ينتهك الشروط الصحية الأساس.. الأزبال تنتشر في كل شارع وساحة ودربونة .. الأنهر ملوّثة، وكذا مياه الشرب .. عوادم السيارات تنفث كل أنواع الغازات السامة من دون رقابة صحية أو بيئية.. المطاعم وباعة الأغذية الثابتون والمتجوّلون يقدّمون لنا أغذية ملوّثة وحتى مسرطنة ولا من مراقبة ولا من محاسبة. الطريف أن "الانجاز" الوحيد الذي حققته الحزمتان "الإصلاحيتان" اللتين قدمتهما الحكومة في العام 2015 هو إلغاء وزارة البيئة ومعها وزارة العلوم والتكنولوجيا ..!
إضافة الى هذا فإن لدينا دولة لا قدرة لها على تنفيذ القوانين والأنظمة المتعلّقة بالسلامة العامة، وبينها، على سبيل المثال، قانون المرور.
دولة كهذه ليس في وسعها بالتأكيد التقيّد بقرار القمة العربية المُقبلة بشأن حظر التدخين .. فلماذا نفضح حالنا بالتوقيع على على القرار المُفترض؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram