بالأمس طرح العديد من الأصدقاء سؤالاً بسيطاً من عينة لماذا لم تخصص في الموازنة العراقية مخصصات للثقافة؟ وأنا أقرأ التعليقات وردود الأفعال، أثار استغرابي أن البعض مايزال يعتقد أن هذه الدولة مشغولة أصلاً بالإبداع والثقافة.. ويكفيني إنها حتى هذه اللحظة لم تحتفل بذكرى الجواهري ولا تعرف أنه قبل أعوام مرّت مئوية علي الوردي وفائق حسن وهاشم الخطاط وحقي الشبلي، وإنها اعتذرت عن إقامة تمثال للعراقي غائب طعمة فرمان والسبب " فقر الحال ".
وكنا نأمل في بغداد بعد أن تسلمها قادة " مؤمنون " أن يدركوا جيداً إن طريق التغيير عُبِّد بتصميم ومثابرة وعمل، رموز هذا البلد، الجواهري، وغائب طعمة فرمان وأبو كاطع، وجواد سليم، وحقّي الشبلي الذين حلموا بعراق متطور..وكنتُ مثل الكثيرين اعتقدتُ ذات يوم إن ساسة العراق سيقيمون صرحاً كبيراً يجمعون فيه رفات كل الذين ماتوا في الغربة وهم يحلمون بعراق آمن ومستقر، لكننا وجدنا بدلاً من ذلك خطباً تحريضية ضد الثقافة والمثقفين تشعرنا بالخجل، وتشعرنا أنّ الدولة التي تسمح لعامر الكفيشي بالتحريض على قتل المثقفين ومطاردتهم، هذه الدولة تكره بالتأكيد قصائد الجواهري والسياب والبياتي وبلند الحيدري ومصطفى جمال الدين ورشدي العامل، وتخجل من صوت عفيفة اسكندر وسليمة مراد ومائدة نزهت ووحيدة خليل، وتسخر من ذكرى غائب طعمة فرمان والرصافي والزهاوي وجواد علي، لأنهم لم ينتموا يوما الى أحزاب مؤمنة ، هذه الدولة ياسادة تقزّم رموز العراق وتسخر منهم، فإذا الجواهري الممشوق القامة يغيب، وبدلاً من أن نقيم له نصباً بحجم قصائده ومواقفه، يكون شاهداً على تاريخه، نكتفي بان نوعز للكفيشي أن يشتم صحابه.
موجة جديدة من الشعور بقوة الثقافة " الداعشية " التي تقودها أحزاب أوغلت في الخراب وجعلت من الفضائيات واجهة علنية لشتم كل ما يتعلق بالدولة المدنية، وأصرت على أن تطارد الثقافة الحقيقية بتهمة الخيانة والخروج عن الأدب واللياقة الاجتماعية.
غياب الثقافة من موازنة الدولة، هي طريقة جديدة من الطرق التي تتبعها الحكومات الفاشلة للسيطرة على أدمغة البسطاء، يحدثنا المفكر الأميركي نعوم تشومسكي في واحدة من كتبه وهو يستعرض مجموعة من الستراتيجيات التي تتبعها أنظمة الفشل للتحكم في البشر، ومن بينها ستراتيجية تقوم على تشجيع الناس على استحسان الرداءة، بحيث يجد أنه من " الرائع " أن يعم الجهل والانتهازية والمحسوبية، لأن كل ذلك في نظر الحكومات الفاشلة مرغوب ومقبول.. ولهذا يتم إسيبدال قصائد الجواهري بتخريفات الكفيشي.
العمود الثامن: الكفيشي بديلاً للجواهري
[post-views]
نشر في: 4 مارس, 2018: 07:48 م
يحدث الآن
نتنياهو يلمح لوقف إطلاق النار في غزة: ليس إنهاء الحرب
مطلع الأسبوع المقبل.. استئناف رحلات الخطوط الجوية العراقية مع بيروت
أستراليا تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال
صحيفة أمريكية: وقف إطلاق النار في لبنان قد يدفع لمواجهة مباشرة بين "إسرائيل" وإيران
تدمير مضافات إرهابية بضربات جوية في وادي حوران بالأنبار
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...