TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: الكفيشي بديلاً للجواهري

العمود الثامن: الكفيشي بديلاً للجواهري

نشر في: 4 مارس, 2018: 07:48 م

بالأمس طرح العديد من الأصدقاء سؤالاً بسيطاً من عينة لماذا لم تخصص في الموازنة العراقية مخصصات للثقافة؟ وأنا أقرأ التعليقات وردود الأفعال، أثار استغرابي أن البعض مايزال يعتقد أن هذه الدولة مشغولة أصلاً بالإبداع والثقافة.. ويكفيني إنها حتى هذه اللحظة لم تحتفل بذكرى الجواهري ولا تعرف أنه قبل أعوام مرّت مئوية علي الوردي وفائق حسن وهاشم الخطاط وحقي الشبلي، وإنها اعتذرت عن إقامة تمثال للعراقي غائب طعمة فرمان والسبب " فقر الحال ".
وكنا نأمل في بغداد بعد أن تسلمها قادة " مؤمنون " أن يدركوا جيداً إن طريق التغيير عُبِّد بتصميم ومثابرة وعمل، رموز هذا البلد، الجواهري، وغائب طعمة فرمان وأبو كاطع، وجواد سليم، وحقّي الشبلي الذين حلموا بعراق متطور..وكنتُ مثل الكثيرين اعتقدتُ ذات يوم إن ساسة العراق سيقيمون صرحاً كبيراً يجمعون فيه رفات كل الذين ماتوا في الغربة وهم يحلمون بعراق آمن ومستقر، لكننا وجدنا بدلاً من ذلك خطباً تحريضية ضد الثقافة والمثقفين تشعرنا بالخجل، وتشعرنا أنّ الدولة التي تسمح لعامر الكفيشي بالتحريض على قتل المثقفين ومطاردتهم، هذه الدولة تكره بالتأكيد قصائد الجواهري والسياب والبياتي وبلند الحيدري ومصطفى جمال الدين ورشدي العامل، وتخجل من صوت عفيفة اسكندر وسليمة مراد ومائدة نزهت ووحيدة خليل، وتسخر من ذكرى غائب طعمة فرمان والرصافي والزهاوي وجواد علي، لأنهم لم ينتموا يوما الى أحزاب مؤمنة ، هذه الدولة ياسادة تقزّم رموز العراق وتسخر منهم، فإذا الجواهري الممشوق القامة يغيب، وبدلاً من أن نقيم له نصباً بحجم قصائده ومواقفه، يكون شاهداً على تاريخه، نكتفي بان نوعز للكفيشي أن يشتم صحابه.
موجة جديدة من الشعور بقوة الثقافة " الداعشية " التي تقودها أحزاب أوغلت في الخراب وجعلت من الفضائيات واجهة علنية لشتم كل ما يتعلق بالدولة المدنية، وأصرت على أن تطارد الثقافة الحقيقية بتهمة الخيانة والخروج عن الأدب واللياقة الاجتماعية.
غياب الثقافة من موازنة الدولة، هي طريقة جديدة من الطرق التي تتبعها الحكومات الفاشلة للسيطرة على أدمغة البسطاء، يحدثنا المفكر الأميركي نعوم تشومسكي في واحدة من كتبه وهو يستعرض مجموعة من الستراتيجيات التي تتبعها أنظمة الفشل للتحكم في البشر، ومن بينها ستراتيجية تقوم على تشجيع الناس على استحسان الرداءة، بحيث يجد أنه من " الرائع " أن يعم الجهل والانتهازية والمحسوبية، لأن كل ذلك في نظر الحكومات الفاشلة مرغوب ومقبول.. ولهذا يتم إسيبدال قصائد الجواهري بتخريفات الكفيشي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram