TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: تقصير فاضح في حماية "الأقليّات"

شناشيل: تقصير فاضح في حماية "الأقليّات"

نشر في: 12 مارس, 2018: 06:57 م

adnan.h@almadapaper.net

 

أمس كتبتُ هنا أنّ الحكومة ورئيسها متواكلان في مكافحة الفساد الإداري والمالي .. هذا الحكم متأتٍّ من واقع أن الحكومة ورئيسها لم يُظهرا للفاسدين والمفسدين "العين الحمراء".
و"العين الحمراء" في الموروث الشعبي العراقي هي عقوبة تتراوح درجاتها من الغضب الشديد إلى استخدام القوّة المستندة إلى القانون والمنطق والأخلاق. الهدف في النهاية التربية أو ردع منتهكي الحقوق والحريات والمتجاوزين على الملكية الخاصة أو العامة.
واحد من الأمثلة الصارخة على غياب العين الحمراء للحكومة (الحاليّة وسابقاتها)، في مجالات أخرى غير مجال الفساد الإداري والمالي، أنها جميعاً لم تعمل جدّياً على وضع حدّ للاعتداءات المتواصلة بلا انقطاع على المسيحيين وسائر المكوّنات العراقية التي يُشار إليها عادة على أنها أقليّات.
على الدوام كان مرخّصاً للمسيحيين والإيزيديين خصوصا ً أن يتاجروا بالخمور ويبيعوناً مفرّقاً في محالّ ونوادٍ مرخصٍّ لها، لكنّ الحكومات "الإسلامية" التي تولت السلطة منذ 2005 اتّخذت موقفاً مختلفاً.. سعت إلى محاربة الاتجار بالخمور وتعاطيها، لكنّها لم تفلح في ذلك أبداً. في بغداد وحدها الآن أكثر من 1500 محل ومطعم ونادٍ تبيع الخمور أو تقدّمها الى زبائنها، والأغلبية الساحقة أنها غير مرخّص لها ،لأن وزاراء السياحة " الإسلاميين" كانوا "يستحرمون" التوقيع على منح الرخصة، فكان أن تعرّضت فئة الباعة إلى ابتزاز الجماعات المسلّحة (بما فيها التابعة لأحزاب إسلامية ! التي تشاركهم في أرباحهم، بل هي تستولي على النسبة الأكبر من الأرباح، والرافضون أو المعترضون يواجهون الموت في بيوتهم أو محالّهم وحرق محالهم أو تفجيرها. هذا ما حصل مئات المرات في بغداد والمدن الأخرى. وكناتج عرضي لهذا فإنّ الدولة تخسر سنوياً مئات ملايين الدولارات هي قيمة الرسوم التي كان من اللازم فرضها على تجّار وباعة الخمور شأنهم شأن غيرهم من تجّار وباعة السلع الأخرى.
إلى ذلك كانت الجماعات المسلّحة تعتدي على المسيحيين والصابئة المندائية والإيزيدية لإرغامهم على ترك بيوتهم وممتلكاتهم للاستحواذ عليها، أو في أحسن الأحوال بيعها بأثمان بخسة للغاية. وبعض هذه الجماعات استفاد من علاقاته بالأحزاب المتنفّذة في الدولة فعمد إلى التزوير في وثائق الملكيّة للاستيلاء على أملاك المسيحيّين وسواهم.
الحكومات الحالية والسابقة تمسّكت بموقفها غير المكترث بالاعتداءات السافرة على المكوّنات العراقية الاصيلة، ما كان عاملاً مشجّعاً للجماعات والعصابات المسلّحة على استضعاف أبناء "الاقليات" ومواصلة أعمالها الاجرامية في حقهم.
الاسبوع الماضي قتلت إحدى العصابات المسلحة عائلة طبيب مسيحي في بغداد، وسرقت ممتلكاتهم المنقولة الثمينة. وفي غضون ثلاثة أيام أعلنت وزارة الداخلية عن أن أجهزتها الأمنية نجحت في معرفة الجناة والقبض عليهم.. هذا أمر جيّد إن صحّ، لكن الأجود منه أن تنجح الوزارة وأجهزتها في منع وقوع الجريمة من الأساس.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram