وائــل نعمــــةتصيب امراض العصر بجميع انواعها العراقيين نظرا للظروف القاسية والازمات التي فضلا عن تردي واقع المؤسسات الصحية، فكلها تركت اثارا مرضية منها المزمنة طبعا، لذا قرر بعضهم اللجوء الى مايسمى بالطب العربي للتداوي بواسطة الأعشاب الطبيعية رغم التقدم الحاصل في الادوية والطب بشكل عام، فيلجأون الى (الحجامات) والإبر الصينية وغيرها من العلاجات البديلة عن الادوية الكيمياوية.
حيث بدت ظاهرة انتشار مراكز التداوي بالأعشاب في بغداد وبقية المحافظات بشكل لافت للنظر وتشهد اقبالا كبيرا من البغداديين على هذه المراكز. بل إن مراكز ومحال بيع الأعشاب أصبحت تقريبا ظاهرة موجودة في كل منطقة، وهناك من العشابين من أصبحت شهرتهم أكبر من شهرة بعض الصيادلة في مراكز عليا.خزعبلات المهنة!يقول أحد المتخصصين في طب الأعشاب (عادل السراي) صاحب مركز للتداوي بالاعشاب في منطقة الكرادة: إن في بغداد الكثير من العشابين الذين يتوزعون على مناطق مختلفة بعد أن حصلوا على شهادات وإجازات لفتح تلك المراكز للتداوي بالأعشاب.ويشير إلى أن الذين تم شفاؤهم عن طريق التداوي بالأعشاب كثيرون جدا، وأنه يحتفظ بصورهم ومراحل شفائهم من أمراض استعصت على الطب العام. ويدعي أن هناك أمراضا سرطانية كان أصحابها يراجعونه تماثلوا للشفاء منها بشكل تدريجي ولم يضطروا إلى التداوي بالطب النووي.وأشار إلى أن بعض العشابين يدخِلون في هذه المهنة بعض ما أسماه ب «الخزعبلات» لترويج أعمالهم. وقد تم كشفهم من قبل المراجعين بعد عدة جلسات، ولم يتواصلوا معهم، في نفس الوقت ادعى أن هناك أطباء يأتون إليه لاستشارته في بعض الأمراض وكيفية التداوي منها عن طريق طب الأعشاب.والجدير بالذكر ان وزارة الصحة قد اصدرت بيانا قبل فترة توضح فيه ضرورة اغلاق مراكز ومحلات التداوي بالاعشاب غير المرخصة. وحول المواد التي يقوم بإحضارها لخلطها وصنع الدواء منها قال إن أغلب مواده يأتي بها من سورية وأحيانا من مركز التسوق الرئيس في (الشورجة)، ويقوم وحسب دراساته في هذا المجال التي حصل من خلالها على شهادة تؤهله للعمل من (سوريا)، في هذا الجانب بخلط بعض المواد التي تشكل دواء لأمراض متعددة.وفي المركز التقينا بهدى 35 عاما التي كانت تعاني مرضا أدى إلى سقوط شعرها بالكامل لكنها تداوت منه بشكل تدريجي وعادت إلى سابق عهدها بشعر جميل ومسترسل على كتفيها، فيما قال حيدر علي، مريض قدم من محافظة كربلاء إنه سمع كثيرا عن هذا المركز وعن صاحبه وقرر أن يقوم بزيارته لكنه بعد طول علاج وتداو لم يحصل على أي نتيجة، بل إن أحد أصحابه الذي كان يتداوى معه من ظاهرة الصدفية (مرض جلدي) أصيب بمضاعفات و بحساسية جلدية لم يشف منها إلا بعد سنة كاملة، وقد جاء الشخصان ليقوما بتوجيه اللوم إلى العشّاب الذي برّر ما قام به بأن العشبة المستعملة جاءت إليه عن طريق الخطأ!rnحبة البركة!فيما يؤكد فؤاد جعفر، صاحب عيادة للطب العربي قرب الحضرة القادرية، ازدياد اعداد المرضى المصابين بـما اسماها «أمراض العصر» مثل السكري والقولون والضغط وامراض القلب الناجمة عن الاجهاد خلال السنوات الاخيرة بسبب الظروف التي يعانيها العراقيون. ويقول فؤاد، ان عشرات المرضى يقصدونه يوميا بحثاً عن العلاج المناسب. ويتابع وسط اكثر من 100 نوع من خلاصة الاعشاب وضعت في قارورات زجاجية «لقد ورثت خبرة العلاج بالاعشاب عن جدي ووالدي وكنت بدأت العمل مع جدي وأنا في التاسعة من عمري».ويفتخر الشيخ فؤاد الذي يرتدي الدشداشة وغطاء رأس (العرقجين) بكتب طبية تضمها عيادته مثل كتاب «القانون في الطب» للطبيب والفيلسوف ابن سينا التي يستعين بما جاء في هذا الكتاب في علاجاته.ويشير الى ان «الخبرة في تحديد العلاج تأتي عبر الممارسة في العلاج بالأعشاب وما تعلمته من جدي ووالدي، بالإضافة الى خبراء اعشاب اسيويين عملت معهم في بغداد التي يزخر تاريخها بكثير من الاخصائيين بهذا المجال مثل عبد المجيد الكيلاني وعائلات بيت الهندي والنقشبندي.ويوضح ان (الحبة السوداء) او (حبة البركة) عامل مشترك لإعداد معظم وصفات التداوي بالاعشاب، إضافة للعسل النقي الذي يعتبر مكملاً لتحقيق نتائج ايجابية.rnاسباب الانتشاروفي هذا السياق، قال عبدالرحمن صاحب عيادة للتداوي بالإعشاب في منطقة بغداد الجديدة، إن انتشار عيادات التداوي بالإعشاب في بغداد لم يكن وليد اللحظة، فقد بدأت هذه العيادات بالانتشار منذ فترة التسعينيات نتيجة ظروف الحصار الذي فرض على العراق عقب غزوه للكويت، إلا أن الاعوام التي تلت عام 2003، شهدت توسع المهنة بشكل كبير نتيجة لارتفاع أجور الأطباء وأسعار الأدوية في الصيدليات الخاصة وفقدان بعض أنواع الأدوية من السوق، والاهم من كل ذلك هو النجاح الذي أثبته العلاج بالأعشاب، مقابل القصور الذي حدث من جانب الاطباء وفشل العلاجات وارتفاع اسعار الأدوية إضافة الى هجرة الكثير من الاختصاصيين الى خارج العراق.إلا أنه في الوقت نفسه لا ينكر وجود بعض الدخلاء على مهنة الطب الشعبي ممن لا يجيدون تشخيص الأمراض وإعطاء الأدوية المناسبة ما اثر سلبا عليها.من جانبه، قال خالد حكمت، 53 عاما، وهو ينتظر دوره لشراء علاج مرض ضغط الدم والقولون ام
تردي الواقع الصحي.. يدفع باتجاه انتشار ظاهرة طب العرب
نشر في: 17 إبريل, 2010: 05:45 م