رفع الحظر الدولي جزئياً، وليس كليّاً، حق منقوص ينبغي التصدّي له بيقظة العقل للعمل بدلاً من الكسل والتظاهر بهَوَسِ عواطفنا كالتي دعت مسؤولي الملف في وزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم إلى دغدغة مشاعر الجماهير بما تحقق لأهداف مزدوجة عقب تحرّكاتهم المكوكية لأكثر من سنتين، تكثّفتْ منتصف عام 2017، إضافة إلى الشهرين الماضيين قبل أن يباغتهم قرار"بوغوتا"ويقتصر رفع الحظر على ثلاث مدن (البصرة وكربلاء وأربيل)، مستثنياً العاصمة بغداد لدواعٍ أمنية كما برّر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني انفانتينو خلال مؤتمره الصحفي.
إني لأعجب كيف برئيس مؤسسة كبيرة مثل الفيفا، يستدرك قبل اختتام مؤتمره قائلاً (نسيت مسألة العراق)؟!! لقد خرّجَ أنفانتينو إجابته على تساؤل مراسل"بي إن سبورت"بضبابية عمّا أوصى به مجلسه بشأن ذلك، ثم أنه يجهل أسماء المدن التي يجيز لها تضييف المباريات الرسمية، طالباً مساعدة الحضور بتذكيره، واصفاً بأنهم كانوا نائمين وتناسى نفسه!
هل يُعقل أن لا يكون ملف العراق ضمن أولوية مؤتمر الرئيس للكشف عن واحدٍ من أبرز القرارات التي خرج بها مجلس الفيفا من اجتماع كولومبيا، إن لم يكن أهمّها على الإطلاق لإحقاق مبدأ تكافؤ الفرص ومراعاة حقوق الجماهير، وهو يعلم أن مؤسسته اضطهدت الكرة العراقية على مدى ثلاثة عقود بقرار تعسّفي لم تسمح لبلدنا طوال تلك السنين، أن يستثمر إحدى مدنه في الوسط والجنوب والشمال لتكسر الحظر المزمن وتخفِّف نفقات الترحال الباهظة بين ملاعب عربية وآسيوية تأدية لالتزاماته العربية والقارية والدولية؟!
ما يخفّف عنا صدمة"بَلادَة"الرئيس انفانتينو تجاه قضية رفع الحظر، وتصديق مجلسه أكذوبة عدم استقرار الوضع الأمني في بغداد هو انتصار إرادة العراقيين بعد صبرهم الطويل وإجبارهم أعضاء المجلس ذاتهم على الاعتراف بسلامة اللعب الدولي في العراق ضمن أجزاء من أراضيه برغم أن العاصمة تعد أأمن مدن الدول كلها لاسيّما تلك المضطربة بفعل تدهورها أمنياً وأزماتها السياسية التي انسحب تأثيرها الى ملاعبها ولم تستتبْ حتى الآن.
نعم لتفرح مدن البصرة وكربلاء وأربيل بيومهنَّ التاريخي في السادس عشر من آذار كل عام، باعتباره يوماً مفصليّاً انتظره ملايين العراقيين الذين مات عدد كبير منهم كمداً تحت معاناة شتى حلموا بإزاحة ظلم الفيفا عن وطنهم مثلما أقرّه الأخير في 58 ثانية فقط، استغرقها حديث انفانتينو عن قضيتهم، أما أنتِ يا بغداد، فلا تحزني لقهر طُغاة اللعبة، فجموع أبنائك الشباب المتحدّين لسحر الجلد المنفوخ سيشدّون العزم على المضي بملف جديد يكسر قيد الحظر عن كل ملاعب المدن، لأن الجميع يوقِن أنه لا قيمة لأيّ قرار رياضي يُعد مكسباً للوطن من دون أن يُعيدَ الحق لكِ أولاً عاجلاً وليس آجلاً.
لا تغالوا بالتعبير عن الفرح، يجب أن يتحلّى كلّ مَن له صلة بكرة القدم بالفطنة لما بعد رفع الحظر الجزئي عن المباريات الدولية الرسمية، لا نريد أن نُكبَّل بعقوبة جديدة مثلما دفعنا الثمن بخطأ ساذِج عام 2009 تسبّب به عامل صيانة الكهرباء في ملعب فرانسو حريري مضيّعاً علينا القرار الجريء لرئيس الاتحاد الآسيوي الأسبق محمد بن همام الذي منحنا أمل عودة المباريات الدولية عبر بوابة أربيل، فالحذَر مطلوب هذه المرة من وزارة الشباب والرياضة واتحاد كرة القدم ورؤساء مجالس المحافظات المعنيين بتعزيز أعلى درجات النجاح في التنظيم مع السلامة الأمنية في الملاعب الثلاثة، تماهياً مع أسلوب الفيفا بجسّ نبض هاتين المسألتين وعدم تورّعه من فرض التعليق ثالثة ورابعة إذا ما تعرّضتا للفشل أو الخرق.
مصارحة حرة : هَوَسِنا.. وبَلادَة انفانتينو
[post-views]
نشر في: 17 مارس, 2018: 08:40 م