علي حسين
لا يمكن إحصاء عدد الأفلام التي أُعدّت عن روايات إحسان عبد القدوس. فما أن كتب أولى قصصه "صانع الحب" عام 1948 ، وحتى آخر قصة له تنتجها السينما بعنوان " ياعزيزي كُلّنا لصوص " كانت السينما له بالمرصاد ، وقصته الاخيرة كان قد نشرها في البداية ، تحقيق صحفي عن مسؤولين استغلّوا مناصبهم في نهب ثروات البلاد .
ما الذي ذكّرني بصاحب رواية " أنا حائرة " الذي يعتبره البعض كاتباً يشجع على الرذيلة ، ويخالف خطب عامر الكفيشي عن الفضيلة .. سأقول لكم ، تذكرته وأنا أستمع للسيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني يشكو ضيق الحال ، وغياب المال ، ويستعرض لنا حالة الفقر التي يمرّ بها والتي دفعته لأن يقترض مبلغاً من المال !
غريبة أخبار هذه البلاد، بينما يتصدّر خبر الظهور المفاجئ لرئيس كوريا الشمالية في الصين ، ينزوي خبر إعجاب النائبة حنان الفتلاوي بالرقم " 7" ، في ركن مهمل، فيما نشاهد في الفضائيات مسؤولين من عيّنة بهاء الأعرجي مصرّين على أنّ البطاطس هي الطعام المفضل لدى العراقيين ولابد من توزيعه عليهم قبل الانتخابات لكسب الأصوات ، ولتحقيق شعار " زاد وملح " . ونقرأ أنّ هناك حملة لاستخدام مادة " السبّيس " للوصول إلى قلوب الناخبين . وغداً سنكتب في كتب التاريخ بعد أن ينهبوا البلد ، أننا كنا نحلم بوطن لايباع في مزادات الانتخابات . ولكن ماذا نفعل؟ البقاء للصوص .
يا سادة " بطاطس وسبّيس ، هذا أقصى ما يتمناه السياسيّون للشعب ، وأقصى ما نُفرح به المواطن الذي ظلّ ساهراً ليعرف ما علاقة الرقم سبعة بحركة إرادة .
يكره مسؤولونا الأرقام إلّا أرقام التأييد، وحسابات البنوك والسيطرة على المشاريع والمقاولات.. وكلّ أرقام أخرى مرفوضة ومكروهة، لأنها جزء من المؤامرة الدولية على التجربة الديمقراطية في العراق! أرقام الأموال المنهوبة، حقد إمبريالي .. أرقام الفقر والمهجرين والكفاءات التي شردت، مجرد أوهام يسعى لنشرها الإعلام المغرض.. أرقام علينا ألا نقترب منها، مثل أرقام الاموال المسروقة ، فلا أحد يجرؤ على أن يسأل من أين تحصل الاحزاب على أموال تفتح بها فروعاً في كل المحافظات ، وتقيم المهرجانات والليالي الملاح .
إنه ضحك كالبكاء ، قالها المتنبي وهو يردّ على تخاريف الحكام ، إذا لم تقرأ خبر بطاطا بهاء الأعرجي ، فلا تلومنَّ إلا نفسك. لن تضحك . اسمع مني وبكل صدق أقول، اقرأ هذا الخبر وترحّم على أبي الطيّب.