علاوي كاظم كشيش
الفساد الاداري،تلك الآفة التي أكلت المال العام والنفوس والاخلاق،ربما لم يتعرض مصطلح الى النقد الكثير والسطحي مثل مصطلح الفساد الإداري،حتى صار بإمكان الفاسد اداريا ذاته أن يجلس ليستمع أو يقرأ أو ربما يعد محاضرة أو مقالاً عن هذا المصطلح وهو في منآى ومنجى عن الشعور بأن المصطلح هذا يعنيه أو يمسه.لذلك تحدث كثيرون من الفاسدين ولاكوا بألسنتهم هذا المصطلح وبينوا ضرر ظاهرة الفساد الإداري.
ولكن ما فات الجميع مع بعض الاستثناءات،أن المصطلح لا يضر ولا يمارس أي ضرر،فهو في صياغته مجرد كلمتين لا أكثر ويتسعان للتنظيرات الكثيرة وللهجوم والتعريض والتهكم،وهذا كله لن يغير من الوضع شيئاً،فمهما تحدثنا عن الفساد الاداري فإننا سننشئ جدلاً ونظيرات ومصطلحات أخرى تولد من المصطلح الأب هذا.
لذلك أرى أن ما فات المختصين جميعاً،انهم لم يتطرقوا الى الفاسد اداريا،فهو يتحرك في الواقع ويسبب الضرر على العكس من المصطلح، أي اننا لم نعمد الى تحليل شخصية الفاسد إداريا والكشف عن نوازعه النفسية وابتذاله لذاته ولعائلته ولمن هم قريبون منه ومدى نـثيره النفسي المخرب فيهم سواء كانوا منتفعين منه أم متضررين وهذا مستبعد طبعاً،وقد كان على المختصين في علم النفس البحث فيه،كذلك كان من واجب الباحث الاجتماعي أن يعري شخصية الفاسد اجتماعيا ويكشف عن نوازعها الاجتماعية التي تترصد الاضرار بمصالح الناس وتعيش وتنمو على هذا الاضرار.مضافاً الى ذلك أن المؤسسة الدينية كان عليها أن تتعقب مدى إفلاس الفاسد إداريا من كل الضوابط الدينية والنواهي التي كان من المفروض ان تجعله يرتدع ويلتزم بأداء الامانات والحرص على مصالح شعبه.وغير هذا كان على المعنيين بالشأن الوطني أن يعروا الفاسد الاداري الخاضع للأجندات الخارجية وتنبيه الشعب والحكومة الى خطره.ويظل الدور الاكبر للاعلام والادباء وسواهم في تعرية شخصية الفاسد لا أن يتحدثوا عن وجود فاسد اداري فقط،وهذا ما شاع على ألسنة الكثيرين،حتى أصبح من المعتاد أن يخرج مسؤول كبير أو وزير على وسائل الاعلام ويتفضل علينا ويشكو من وجود فساد إداري في وزارته او دائرته، لاحظ إنه يشير الى المصطلح،ولا يشير الى شخص الفاسد الاداري،وهذا يدل على ضعفه في اتخاذ قرار يخلصه من الوقوع في ما يشير اليه،اذ انه يصبح هو فاسداً ادارياً بحكم عجزه عن اتخاذ قرار يردع به فاسداً ادارياً يعاني منه وليس لنا سوى تفضله بالشكوى من الفساد.
إن تداول المصطلحات يغطي على كثير من العجز وربما التواطؤ مع الفاسدين الاداريين،وقد آن الاوان للكشف عن الوجوه القبيحة والشخصيات التافهة التي عاشت في مصالح الناس خراباً،وجرت معها كثيرين من المقربين لهم الى هذا الفساد،فالفاسد الاداري يقامر بسمعة عائلته وعشيرته ويؤسس منهجا للاستخفاف بمصالح الناس ويهدر قيما كثيرة تؤدي الى اشاعة الفساد وتخريب حياة العباد وضياع حقوقهم.
نبعت هذه الفكرة في بالي وأنا أحضر ذات مرة ندوة عن الفساد الاداري،وتابعت محاضرة لفاسد إداري يتحدث عن هذه الآفة الضارة بكل الاطمئنان ،لإحساسه بأن الأمر لا يعدو كونه مجرد تداول مصطلحات لا أكثر.
وجهة نظر: نقد وتعرية الفاسد الإداري

نشر في: 31 مارس, 2018: 06:56 م