إياد الصالحي
لم تمر الرياضة العراقية بمرحلة التيه وسوء تقدير مصيرها وضمور هيبة قيادتها وضبابية حلولها المرتقبة بمثل الفترة من 13 كانون الأول 2017 لغاية 27 آذار 2018، إذ تمثّل أسوأ الظروف الحالكة بسواد المواقف ما بين شخصيات تعهّدت بنصرة مصالح الرياضة ونبذ الصراع وتقنين الميزانية وإنقاذ ألعاب يهددها شبح الاندثار، لكنها آثرت أن تُنازع بلؤم وأنانية للتشبّث بمواقعها، وانشغلت في تأمين مستقبلها في قمة المركب الأولمبي غير آبهة لغرقهِ بقدر حرصها على النجاة وحدها من الكارثة!
هل يعتقد قادة الأولمبية أنهم الى هذه الدرجة من"الفهلوة"كي يُخرِجوا لأزمتهم فصلاً كوميدياً يُراد في خاتمته استعطاف الجمهور والإعلام ليذرفوا الدموع على مصير الرياضة خشية تهدديها بالإيقاف الدولي؟! ألَمْ يصدر المكتب التنفيذي قراراً بتعليق أنشطتها المالية والإدارية في 13 كانون الأول 2017 بذريعة"الحفاظ على الوضع الدولي لرياضة العراق، وتلافي أية عقوبات قد تطول الرياضة العراقية الى حين إيجاد الحلول القانونية الأصولية"، لماذا؟ لأن وصفها بالكيان المنحل عاد ليؤرق أعضائها وينبّههم بعدم امتلاكهم الصلاحية لانفاق الأموال وتسيير الأعمال في ضوء غياب قانون جديد ينظم شؤونها مثلما أقرّت المحكمة الاتحادية لاحقاً، وفي 26 الشهر نفسه، استأنفت اللجنة الأولمبية العمل بإجراءاتها الإدارية والمالية بعد ثلاثة أيام من زيارة الممثل الدولي حيدر فرمان الى بغداد ودرست نتائجها شكلياً، معتقدة أن الزيارة ستمنحها حصانة تامة من تأثيرات برلمانية وربما حكومية تطالبها بإنجاز قانونها (المعطّل بتكاسل منها منذ سنين عدة) على عواهنه.
وغطّ الأولمبيون في سبات الطمأنينة وأضاعوا وقتاً مهماً من مرحلة الاستحقاق الرسمي الدولي قبل حلول 15 آذار الماضي لإجراء الانتخابات الحتمية، وإلا لن يُسمح لهم بمزاولة أي نشاط بعده، حتى قدّم مشاورهم القانوني تنبيهاً بإطار إيضاح الموقف اللا شرعي للأولمبية يوم 27 الشهر نفسه، بضرورة إيقاف عملها واللجوء الى تصريف الإعمال دون الإشارة الى الكيفية، والتساؤل الأبرز لماذا لم يُشر المشاور قبل ثلاثة أشهر أي في يوم تعليق الأولمبية أعمالها، إلى أنها تمتلك الفرصة الثمينة للسعي الى تشكيل هيئة مؤقتة بالتنسيق مع الحكومة والمؤسسات الدولية؟ الى متى نبقى نداري مصالح البقاء أطول فترة ممكنة ولا نجرؤ على اتخاذ القرار الأصوب برغم علمنا وقتها أن الأشهر الثلاثة المتبقية على شرعية الأولمبية لن تكفيها لإقامة الانتخابات بإجراءات إدارية وسياقات قانونية لعدم وضوح مصير انتخابات الاتحادات"الكيانات المؤسِّسة لتنفيذي الأولمبية الجديد"وكذلك مجهولية قانون الأخيرة في قبّة مجلس النواب الذي قدّم رئيسه وعوداً فضفاضة لم تجد التنفيذ الحقيقي حتى الآن؟!
المكابرة في الموقع حتى الرمق الأخيرة ليست من خصال فرسان الرياضة، وتنفيذي الأولمبية المنحل مرغماً وليس طوع نفسه ترك صورة سيئة عن شخصية المسؤول الرياضي العراقي عندما لا يقدّر تبعات سلوكه الوظيفي بعدم احترام العهود الدولية في قضية الانتخابات وإنجاز قانون متكامل يحمي مصالح الرياضيين، لاسيّما أن اللجنة الأولمبية الدولية ذكّرتْ وحذّرتْ ونبهّتْ الأولمبية الوطنية قبل تسعة شهور بضرورة إجراء الانتخابات بعد انقضاء عام على دورة أولمبياد ريو آب 2016 فلماذا ماطلتم وهدرتم الأشهر المتوالية تنفقون وتتسيَّحون في بلاد العالم ولم تتورّعوا من ملاواة أذرع بعضكم لبعض إذكاءً لشرارة البقاء للأقوى، وحوّلتم رياضة العراق الى حلبة تلاكم إعلامي استهوتكم فيها تسديد الضربات لهذا الطرف أو ذاك خارج الأولمبية وحتى داخلها دون مراعاة لضياع وقار المؤسسة العريقة التي أسّس حركتها أكرم فهمي، وسار على درب تضحياتها أبطال أوفياء هانت دماؤهم من أجل إعلاء رايتها، وهناك من أعدِمَ وآخر أختطف وغيرهما هُدِّدتْ اجسادهم بالتصفية ولم يقبلوا التنازل عن مبادئ ينتشون بقيمتها مع أنفاسهم.
ليسرع رئيس اللجنة الأولمبية رعد حمودي الى كسب الوقت والمضي بأعمال هيئة مؤقتة تدير الأولمبية ستة أشهر في الأقل حتى يتمكّن البرلمان الجديد من إنهاء إقرار قانونها المرتقب ويستكمل بقية الاجراءات الانتخابية بدءاً من الاتحادات، ونراهن على الدعم الحكومي اللوجستي عبر أمانة مجلس الوزراء لتفعيل المقترحات مع ثلة من خبراء الرياضة لإعلان أسماء أعضاء الهيئة المؤقتة فوراً وقطع الطريق أمام زبائن صنّاع الأزمات وأسطوات مدوّليها في سوق الآسيوي!