adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
رئيس الجمهورية معه الحقّ كلّه في الاعتراض على قانون الموازنة للعام الحالي (2018) وقانون مجلس النواب، وفي ردّهما إلى المجلس مقرونين بتفصيلات أوجه الاعتراض.
في المقابل، ما كان لمجلس النواب ولا لأيّ جهة أخرى حقّ الاعتراض على موقف رئيس الجمهورية المستند إلى أحكام الدستور وإلى القوانين سارية المفعول، وما فعله رئيس الجمهورية مع القانونين هو من صلب اختصاصاته وواجباته، بل كان عليه أن يفعل الشيء نفسه مع قوانين عديدة سبق وشرّعها مجلس النواب الحالي وكانت عليها اعتراضات وملاحظات شبيهة باعتراضات وملاحظات الرئيس على القانونين الأخيرين .
المادة (67) من الدستور تنصّ على أنّ "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، يمثّل سيادة البلاد، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور".
ضمان الالتزام بالدستور،إذن، واجب محتّم على رئيس الجمهوريّة، والرئيس إذ يقف في وجه القوانين المتعارضة مع أحكام الدستور وسائر القوانين إنّما يؤدّي واجبه، ولا لوم عليه في هذا بل اللوم يقع عليه حينما لا يؤدّي هذا الواجب.
في الأقل نصف الملاحظات التي سجّلها الرئيس على قانوني الموازنة ومجلس النواب تحيل الى انتهاكات لأحكام الدستور والقوانين الأخرى، وهو قد سبّب اعتراضاته وملاحظاته على القانونين بـ "وجود عدة مخالفات دستورية وقانونية وشكلية"، وما كان على مجلس النواب أن يشرّع قوانين تخالف أحكام الدستور والقوانين السارية كيما يتجنّب الموقف الذي اتخذه رئيس الجمهورية، والذين جادلوا في أحقيّة أو عدم أحقيّة الرئيس في التوقيع على القانونين أن يجادلوا في معنى ومغزى أن يشرّع مجلس النواب قوانين تتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة.
ليست مشكلة رئيس الجمهورية أنّ قانون الموازنة، مثلاً، قد رُفع إليه متأخّراً. المشكلة هي مشكلة الحكومة التي تأخّرت في رفع مشروع القانون إلى مجلس النواب، وهي مشكلة الحكومة التي لم تقترح قانوناً لا يثير الكثير من الإشكاليات والاعتراضات والملاحظات في مجلس النواب. ثمّ المشكلة هي مشكلة مجلس النواب الذي أخذ وقتاً طويلاً جداً في قراءة قانون الموازنة قبل إقراره ورفعه إلى رئيس الجمهورية، كما هي مشكلة مجلس النواب أن يرفع الى الرئاسة قانوناً فيه أخطاء شكلية كثيرة (هذه ظاهرة عامة في كل القوانين في الواقع)، والأنكى أنه يتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة.
الذين اعترضوا على موقف رئيس الجمهورية الصحيح والسليم إنّما يريدون الإبقاء على تقليد سقيم يتعارض مع المصالح الوطنية تكرّسَ على مدى الاثنتي عشرة سنة الماضية... هو تقليد التجاوز على الدستور وانتهاك أحكامه.