TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ما أدراك.. ما أبو سعيد؟

العمود الثامن: ما أدراك.. ما أبو سعيد؟

نشر في: 31 مارس, 2018: 09:03 م

 علي حسين

في مثل هذا اليوم من هلة الربيع، كان الشهيد أبوسعيد "عبد الجبار وهبي" يكتب زاويته الصغيرة في صحيفة اتحاد الشعب عن مساحات الأمل: "علمني الحزب أن أرى حريتي وأخلط فرحي بشيء من أحلام الناس" يومها كانت الدنيا أكثر هناءً، لم يكن الهمّ قائماً، والبؤس مقيما، كان هناك وقت ومتسع للأمل، في ذلك اليوم من عام 1960 ينظر أبو سعيد من نافذة غرفته المطلة على إحدى زوايا شارع الكفاح ، مؤمناً بأن هذا الحزب المثير للدهشة لن يكفّ عن صوغ نفسه كل يوم، يختلف أبناؤه على أشياء كثيرة لكنهم يتفقون جميعاً على شغف حبّ الوطن والدفاع عن حريات الناس وآمالهم ومستقبلهم.
منذ انطلاقتهم الاولى قبل 84 عاماً لم يفصل أبناء الحزب بين أنفسهم ووطنهم، فقد ظلوا يصوغون حياتهم وهم يصنعون حرية لوطنهم، والنجوم الذين أطلقهم هذا الحزب العتيد الى صفوف النضال في بغداد والانبار والسليمانية والبصرة وذي قار وميسان وأربيل والحلة والكوت ومعظم طرقات الحياة في العراق، كان بين ألمعهم هذا الصحفي "أبو سعيد" الذي يحمل نفحات حب الوطن كل يوم من خلال موهبته في الكتابة والنضال، إلى كل بيت من بيوت العراقيين.
اليوم تبدو كتابات عبد الجبار وهبي وشمران الياسري وصفاء الحافظ وعشرات مثلهم في استعادتها كأنها نشيد واحد ذو لازمات واحدة تتكرّر: السجن، النضال، حبّ الناس والدفاع عن حقّهم في حياة كريمة ، من عبد الجبار وهبي الذي قضى حياته تحت تعذيب وحشي الى شمران الياسري الذي مات منفيّاً مطارداً في دروب الغربة، كتابات تعلمنا أن نبقى داخل نبض الوطن، في ذاته، وفي وجدانه وأن لا ننصت للهتافات الفارغة لأنها تريد ان تزوّر حقائق التاريخ.
اليوم بعد 84 عاماً ننظر الى الإرث النضالي والسياسي للحزب الشيوعي الذي استمده رجاله من حكايات العراقيين وآلامهم وأحلامهم ومعاناتهم، فقد جاء معظم أبنائه من أسر بسيطة ضربت جذورها في أرض العراق، كانوا مثل كل العراقيين كادحين فقراء مثل الأسى والموت، يتقاسمون خبزهم مع أناس أكثر فقراً، ومن ذلك العالم القاسي.
لا يغيب رجال مثل أبو سعيد وأبو كاطع ، لأنهم كتبوا سيرة حياتهم مطابقة لسيرة وطنهم، قصص ومواقف حياتيّة ستنتقي منها الأجيال ما تشاء، وهي بحرإذا اخترنا السياسة والفكر، وبحار لن تنتهي إذا اخترنا محبّة الناس والدفاع عن قضاياهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: عراق الشبيبي وعراق هيثم الجبوري

 علي حسين اظل أكرر واعيد إن أفدح الخسائر التي تعرض لها العراق ان الكثير من مسؤوليه وساسته غابت عنهم الروح الوطنية ، واصبحت كلمة النزاهة مجرد مفردة تلوكها الالسن ويسخر منها اصحاب الشأن...
علي حسين

كلاكيت: السينما عندما توثق تفاصيل المدينة

 علاء المفرجي بغداد والسينما.. المدينة والسينما.. كيف لنا ان نختار شكل العلاقة او ما الذي يمكن ان نكتشف من هذه العلاقة؟ وهل يمكن لبغداد كمدينة ان تنفرد مع السينما فتختلف عن علاقة المدن...
علاء المفرجي

الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!

رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
رشيد الخيون

قَدْحُ زناد العقل

ابراهيم البليهي حَدَثٌ واحد في حياة الفرد قد يُغَيِّر اتجاهه إذا كان يملك القابلية فيخرج من التحديد إلى التجديد ومن الاتباع إلى الإبداع وعلى سبيل المثال فإن هوارد قاردنر في السبعينات درَس علم النفس...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram