TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: البحث عن معارضة

مجرد كلام: البحث عن معارضة

نشر في: 2 إبريل, 2018: 07:05 م

 عدوية الهلالي

أذكر جيداً كيف سعى قادة الكتل في الانتخابات السابقة الى الدعوة وبإصرار الى تطبيق ديمقراطية ذات توافقية سياسية وهي نوع من الديمقراطية التمثيلية، إلا أنها تتميز عنها بتراجع اسلوب الصراع السياسي بين الأقلية والأغلبية وتعويضه بالتوافق والحكم الجماعي والأخذ بأكبر عدد ممكن من الآراء وإشراك الأقلية المنتخبة في الحكم أو في السياسات الكبرى، وما إن تحقّق لهم ما أرادوا حتى برز صراع من نوع جديد دفع ثمنه المواطن، فوجود الجميع في السلطة أفرز حالة شاذة، إذ تواطأ بعض المسؤولين الذين فرضتهم ظاهرة المحاصصة الطائفية على الدولة مع الإرهاب وقادوا البلد الى مصير مظلم، بينما اختارت بعض الأحزاب دور المعارضة على الرغم من كونها من الأحزاب الحاكمة، ووسط هذا الصراع الغريب ومحاولات إسقاط الحكومة من قبل مسؤولين في الحكومة ذاتها، تدهور وضع العراق الأمني والاقتصادي والاجتماعي، وتلبّدت سماء الصورة السياسية بغيوم الانتقام والثأر والحقد الطائفي، وظل المواطن يدفع الثمن حتى في انحيازه لجهة ما دون أخرى، بهدف البحث عن مسؤول ينقذ العراق من أزماته ويلبي حاجات المواطن الخدمية ويحفظ له حياته وكرامته.
وبعد مرور سنوات من التناحر بين السياسيين وغموض الرؤية لدى الشعب، يعود نفس قادة الكتل ليطالبوا هذه المرة، بنظام ديمقراطي ذات أغلبية سياسية ليضمنوا تصدر كتلهم المشهد السياسي، محاولين تزويق صورة النظام الجديد الذين يدعون له وتجميلها بوعود التغيير الحقيقي الشامل الذي يحلم به الفرد العراقي ..
ربما سيحدث تغيير شامل إذا ماتغلبت إحدى الكتل السياسية على بقية الكتل الأخرى وتولّت الحكم، ولكن من سيضمن عدم محاولتها تذويب أدوار الأحزاب والكتل الأخرى وابتلاعها تدريجياً، لينشأ لدينا عصر جديد من الديكتاتورية تنفرد فيه الكتلة ذات الأغلبية السياسية بالتحكم بمصير البلد والشعب الذي سيتطلع عندها الى نشوء معارضة قد يشترك فيها الشعب والمسؤولون السياسيون الذين سيغيب دورهم أو يتم تغييبه..
الغريب في الأمر، أن هناك من يرى أن مثل هذا الوضع سيكون صحيّاً لأنه سيفرز معارضة حقيقية، وستعلوا أصوات تشخّص الخلل في ادارة الحزب الحاكم للدولة، وستعمل على ازاحته جديّاً في الانتخابات المقبلة، لأنه لم يحقق للبلد مارسمه من أهداف ووعود، ولكن، ما الذنب الذي اقترفه المواطن العراقي ليظل متفرجاً على تجربة ديمقراطية جديدة يخوضها نفس المسؤولين الذين أذاقوا العراق الأمرّين، منذ أن تقاسموا السلطة، وهل نرضى بأغلبية سياسية، قد تمتص ماتبقى من رحيق حياتنا مقابل أن نحظى بمعارضة حقيقية.
ونحن نقترب من الانتخابات، علينا ألا نقع في فخ وعود قادة الكتل الكبار الطامعين في الاستحواذ على مقاعد السلطة، فلن ينجحوا في إنقاذ العراق من أزماته بل سيخلقون له أزمات جديدة، لأنهم لم يفكروا في مصلحة المواطن منذ أن فكّروا بتقاسم السلطة وفق أسس طائفية. فهل ستصحو ضمائرهم فجأة ليهبطوا الى واقع الفرد العراقي ويشعروا بمعاناته.. إنهم يقاتلون حالياً من أجل أنفسهم ومصالحهم الشخصية وسيقاتلون بضراوة أشد إذا ما اعتلوا مقاعد السلطة من جديد.. أما المواطن العراقي فهو الذي سيدفع الثمن أولاً وأخيراً مالم تتغير كل تلك الأسماء الممسوخة..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram