علي حسين
منذ خمسة عشر عاماً تراودني مثل معظم العراقيين أحلام اليقظة، ومثل كثير من الأحلام تتحول الى خيبات وأحيانا كثيرة الى كوابيس. منذ اليوم الاول للتغيير عام 2003 حلمت بسياسيين مثل مانديلا وغاندي ولي كوان،، ساسة يتحرّرون من أحقادهم، ومن كوابيس الماضي، ولم أكن أدري أنّ تضحيات المواطن العراقي ستنتهي إلى تشكيل هيئة للمصالحة يقودها سياسي يعيش في القرن الاول للهجرة! ولهذا وفي لحظة يأس التجأتُ الى أحلام يقظة متشرد سويسري اسمه جان جاك روسو، قادته كتبه الى تعليم البشرية معنى العدالة البشرية، وقيمة الحرية والنضال من أجل نصرة الإنسان لأخيه الانسان، وفي الاسابيع الاخيرة قررتُ أن ألغي الأحلام من حياتي لكثرة ما شاهدتُ في الفضائيات من برامج تروّج لساسة الخراب وتصفهم بالمنقذين والشجعان، وكان أخيرها وليس آخرها، اللقاء”الممتع”الذي أجراه”المدني”لحدّ النخاع أحمد الملا طلال مع السيد خميس الخنجر. وأنا أنصت للحوار، سألت نفسي أين قرأت مثل هذه العبارات المنمّقة عن التسامح.. وقبل أن أجد الجواب لاحت لي صورة بهاء الأعرجي في إحدى الصحف، وهو يطالب العراقيين بعدم انتخاب الطائفيين والفاسدين.. هل انتهى المزاد؟ لا ياعزيزي أتمنى عليك أن تمسك الريموت كونترول، وستجد أنّ معظم السياسيين لا يتعاطون إلا في قضايا البناء والتنمية والتسامح. إنها القضايا الكبرى التي لاتزال تشغلهم، ولذا لا مكان في أجندتهم للقضايا الصغيرة التي بلا أهمية، لا أحد يريد أن يشير ولو إشارة تضامنية بسيطة مع متظاهري الحسينية والمعامل، أشهر تعليق جاء من السيد حيدر العبادي الذي حذّر من تسييس التظاهرات.
ممن أراد نيلسون مانديلا أن يحمي أبناء جلدته؟ أراد أن يحميهم من ضغائن النفس. يقول دي كليرك آخر رئيس أبيض لجنوب أفريقيا : لقد ضبط العم مانديلا في نفوسنا جميعاً غريزة العنف والكراهية”.
السياسي الشجاع، لا يبحث عن غرائز جمهوره، بل عن عقولهم، لكننا اليوم نجد من يصرّ على مخاطبة غرائز الناس، وعلى نشر الخديعة والكذب بحجة الدفاع عن الطائفة.
ولأننا نتذكر رمز التسامح والمحبة مانديلا، فإن الاعتذار واجبٌ لأهالي الحسينية والمعامل،لأننا نسيناهم في زحمة البحث عن مانديلا، تصنعه لنا فضائية عراقية.