adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
بقدر غير قليل من الوقاحة والصلافة، لا يتردّد رئيس تركيا الإسلامي، رجب طيّب أردوغان، في التهديد العلني للدولة العراقية بانتهاك سيادتها الوطنية والتعدّي على استقلالها، متشجّعاً بصمت زملاءه الإسلاميين الحاكمين في العراق!
أردوغان الثرثار قال في إسطنبول منذ يومين مخاطباً الحكومة العراقية "إذا كان باستطاعتكم التعامل معهم (عناصر حزب العمال الكردستاني الموجودين في سنجار منذ تحريرها من داعش أواخر العام 2015)، فافعلوا وإلّا فسنأتي إلى سنجار ونتعامل معهم ... نحن لا نطلب الإذن من أحد"!، وأضاف "لقد قلنا سابقاً إننا قد نأتي فجأة، وها قد أتينا ...".
من الأعراف السارية في العلاقات الدولية أن تُترك المهمات القذرة، من قبيل التهديد المباشر الذي يُطلقه أردوغان هنا، إلى متحدثين حكوميين أو قيادات أمنية أو عسكرية من الدرجة الثانية أو الثالثة، أمّا الرؤساء خصوصاً فمِن وظائفهم الاحتفاظ باللياقة والكياسة لحفظ الاعتبار لدولهم.. أردوغان ليس من هذا النمط من الرؤساء المحترمين.
تهديد الرئيس التركي لا معنى له في الواقع، فقوّاته موجودة في إقليم كردستان العراق منذ عهد نظام صدام، وفي السنوات الأخيرة دفعت تركيا قوات إضافية وأقامت قواعد جديدة هناك، ومنذ يومين كشفت صحيفة "أحوال" التركية عن توغّل قوات تركية داخل الاراضي العراقية في إقليم كردستان مسافة 17 كيلومتراً وبدئها بشقّ طرق وإنشاء قواعد متقدمة دائمة.
أردوغان يتصرّف حيال الشأن العراقي وسيادة الدولة العراقية كما لو أنّ أحداً في بغداد قد وقّع له على بياض. الحكومة العراقية لا تفعل أكثر من التصريح بأنها لا تقبل بانتهاك سيادة العراق وأنها على تواصل مع الحكومة التركية في هذا الخصوص! من دون ممارسة أيّ ضغط، والحكومة العراقية برغم كل شيء لديها القدرة على الضغط السياسي والاقتصادي لإرغام أردوغان على ضبط نفسه.
وأردوغان يتشجّع في صلافته بموقف القوى الإسلامية المتنفّذة في الدولة العراقية، فما مِن أحد فيها يرفع صوته تنديداً بالوقاحة التركية. ومن المفارقات أنّ هذه القوى قد شغلت نفسها وجمهورها المغلوب على أمره منذ أسابيع بقضية لا وجود لها البتّة، هي الزيارة المزعومة لولي العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان إلى العراق.. هذه القوى نسجت قصصاً غير مسلّية حول الزيارة وسيّرت التظاهرات مدفوعة الثمن (تأجير سيارات مريحة وتوزيع وجبات أكل)، ليتبيّن أنّ القضية لا أساس لها بالمرّة فما من دعوة عراقية قد وُجهت إلى الامير السعودي وما مِن طلب سعودي تلقته بغداد بهذا الشأن أيضاً، على وفق ما أعلنه رئيس الوزراء حيدر العبادي بعد آخر اجتماع لمجلس الوزراء الأحد الماضي.
كيف إذن لا يتشجّع أردوغان ولا يتمادى وهو يرى هذا الصمت الحكومي تجاه صلافته، ثم وهو ينظر في ما تفعله القوى المتنفذة في بغداد من اختلاق لأعداء وهميين للعراق وترك الأعداء الحقيقيين يفعلون ما يشاؤون بالسيادة الوطنية العراقية انتهاكاً وانتقاصاً!