TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > قصة صراع الجاسوسية البريطانية – العثمانية في العراق

قصة صراع الجاسوسية البريطانية – العثمانية في العراق

نشر في: 18 إبريل, 2010: 04:47 م

في عام 1905 وعندما اشتدت حركة المعارضة للسلطان عبد الحميد، اصدر امرا بنقل اليوزباشي (النقيب) اركان حرب مصطفى كمال باك –الذي اصبح فيما بعد مصطفى اتاتورك زعيم تركيا الحديثة –واليوزباشي كمال بك الى عائلته فغادر دمشق سراً  الى العاصمة العثمانية حيث اجتمع بزوجته وابنته (صدبرك) التي كانت في ذلك الوقت في الحادية عشرة من عمرها.
ولكن جواسيس عبد الحميد ما لبثوا ان شعروا به فداهم الجند منزله واعتقلوه، ونفوا زوجته وابنته الى بيروت. *وما كان سليمان بك العسكري-الذي كان يومئذ في "اشقودره" يعلم بتوقيف صديقه كمال بك حتى اسرع اليه مع اربعة من رفاقه لانقاذه من محنته ويوم وصولهم الى العاصمة العثمانية بلغهم ان السلطان امر باعدامه بتهمة انه ات من دمشق لتنفيذ مكيدة دبرها مع مصطفى كمال باشا لاغتياله، وانه موجود ذلك اليوم في السجن المعروف باسم "بلوك بكر آغا" فأسرع الى السجن مع رفاقه وقيدوا حراسه الثلاثة ثم خرج كمال بكوفروا به الى جبال "اشقودره" حيث اعلنوا الثورة. وظل كمال بك شريدا في الجبال الى ان اعلنت الحرية العثمانية ، فجاء الى اسطنبول واستدعى اليه زوجته وابنته صدبرك، التي كانت يومئذ طالبة في كلية البنات الاميركية في بيروت ولهذا لم يستبقها في العاصمة الا مدة العطلة الصيفية، ثم اعادها الى المعهد بعد ان ابلغها ما لسليمان بك العسكري من فضل عليهن وطلب منها ان تحتفظ له بهذا الجميل وظل كمال بك الى جانب نور باشا في شتى ادوار حياته ثم  رافقه الى طرابلس الغرب. rnالى بغداد مباشرة *ولما عاد الى تركيا في الحرب البلقانية لانقاذ أدرنه، من البلغاريين كان كمال بك الى جانبه ويوم حاول انور دخول "ادرنه" هاجمه احد الجنود البلغار الجرحى واطلق الرصاص لقتله، ولكن كمال بك كان قد شعر بهذه الحركة فالقى بنفسه امام انور فاصابته هذه الرصاصة فقتل فدى عن انور باشا وقد قدر انور هذه التضحية العظيمة وخصص لزوجته وابنته مرتب تقاعد كافيا. غير ان المركز السامي الذي حصل عليه انور باشا انساه الفتاة ووالدتها، ولكن الفتاة لم تنس الجميل ، فما كانت تعلم بانتحار سليمان العسكري حتى بكته بحرارة مثلما بكت والدها الذي قتل فداءً عن انور باشا، وقصدت الى هذا الذي نسيها وطلبت منه تلك الخدمة وقد حاول انور باشا ان يثنيها عن عزمها ، غير انه لما علم ما كان من اصرارها، لم يسعه الا ان يرسلها الى بغداد.وارسل في الوقت نفسه كتابا الى حسام الدين نظمي يأمره الاهتمام بأمرها لأنها صنيعته. *وارتاب حسام الدين نظمي في بادئ الامر من ارسال هذه الفتاة ، واعتقد برغم ثقة انور باشا به – انه اوفدها لتكون رقيبة عليه ، ولكن الفتاة الذكية افهمته غايتها الحقيقية من وراء هذه المهمة. اطلعها حسام الدين على الموقف بتفاصيله وقال لها:-لم اجد بين رجالي من هو على مقدرة لاكتشاف مقر رئيس عصبة الجواسيس الانكليز ولهذا اعهد اليك هذه المهمة. *وما المعلومات لديك عن هذا الجاسوس؟-ليس لدي معلومات عنه، كما أنني لا اعرف شيئا عن اوصافه.*ساسعى لمعرفة ذلك، لكن المهم في الوقت الحاضر هو معرفة بعض المعلومات عن بغداد وامكنة الاجتماع وتعريف عن الاماكن المشتبه بها ، فوعدها حسام الدين بان يرسل اليها في المساء كل ما تريد معرفته ثم ذهبت بعد ان اتفقت واياه على ان تتخذ لنفسها زيا جديدا، يمكنه ان يخفي حقيقة امرها. *لقد درست (صدبرك) الحالة في بغداد من كل نواحيها، فوجدت ان اختيارها صفة المرأة المحجبة يبعدها عن الاختلاط الا بطبقة محددة، فرأت ان تختار صفة الراقصة وهذه المهنة كانت مبتذلة! ولم تكن تحتاج المرأة في ذلك الوقت لتكون راقصة الا الى ان تتعلم شيئا من الغناء، وهز الجسم والتغنج!rn*الرقص وسيلة للتجسس*وصدبرك كانت ذات صوت رخيم فرأت انه ليس هناك ما يمنعها من احتراف هذه المهنة، فاعلنت رغبتها هذه لحسام الدين الذي حاول في بادئ الامر صدها عنها، لكنها اصرت على فكرتها هذه فلم يسعها الا موافقتها وقرر ان يسهر عليها بنفسه، ويعتني بها، ويهتم بحمايتها اذا ما شعر بخطر عليها..واراد ان يطلب من مدير الشرطة حمايتها، لكنها رفضت ذلك. *ولم يمر عليها اسبوع واحد حتى لمع نجمها، وقد عرفت بالمرقص يومئذ باسم "جيهان خانم" وباتت محاطة بالضباط الذين ا كثرت من الالتفات اليهم. قصد لفت نظر الجواسيس اليها، لأن هؤلاء يعلمون العلم الاكيد ان الراقصات يتهافتن على المال ومتى علم هؤلاء الجواسيس بانها محط انظار الضباط اقبلوا عليها لاستمالتها الى صفوفهم..وسعوا الى شرائها بالمال لسرقة اسرار الضباط خصوصا ضباط اركان الحربية الذين يزورونها وسرعان ما تحققت ظنونهم، اذ وجدت بين رواد المرقص رجلا يتردد عليه في كل مساء ويسعى الى مراقبتها واختيار الفرص للانفراد بها.rn*نزهة في الاعظمية *ولما شعرت صدبرك كمال به سهلت عليه هذه المقابلة فدعاها الى نزهة في الاعظمية، فلبته على بعد المسافة والمخاطر التي ربما تعرضت لها ، وفي الطريق اخذ الرجل يحادثها في الامر قائلاً: -لماذا اخترت هذه الحياة الشاقة مع ان في قدرتك ان تعملي عملا شريفا؟! -هذا نصيبي خصوصا ان لي عائلة كبيرة في تركيا هي بحاجة الى من يعولها..*وكم تكسبين في الشهر؟-ما يؤمن معيشتي.. فتظاهر الرجل بالت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عمار عبد الجبار

    مواضيع رائعة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram