علي حسين
سمعت في الأسابيع الأخيرة حكاياتٍ عن الفساد، ولفت نظري أنّ أصحابها دائماً ما ينهون حديثهم بجملة :"سنحارب الفساد"إلّا أنّ قصة طريفة عن الفساد استوقفتني حذرنا فيها السيد حسن الياسري رئيس هيئة النزاهة من"الفساد المجتمعي".لستُ في وارد مناقشة السيد رئيس هيئة النزاهة حول عمليات السطو والنهب التي تعرّض لها العراقيون خلال الأربعة عشرعاماً الماضية وكانت فيها هيئة النزاهة ترفع شعار"لا أرى.. لا أسمع.. لا أتكلم"، رغم أن الناطق باسم حركة إرادة ابو فراس الحمداني شرح لنا"مشكوراً"ظاهرة الفساد الطائفي، وقال وعيناه تدمع إن المناطق السنية في بغداد، تتمتع بخدمات أفضل من المناطق الشيعية، والرجل لم يكذب فهو يريد أن يطبّق نظرية زعيمته حنان الفتلاوي في التوازن على النزاهة.
مؤشر طيّب أن يصبح الفساد المجتمعي ومعه التوازني، محلّ قلق لبعض المسؤولين، لكن هناك بيننا من يشرّع الفساد ويسمّيه"الشطارة"ويحوّل مؤسسات الدولة إلى ملكية خاصة يتقاسّمها بين أهله وعشيرته.
يعرف السيد رئيس هيئة النزاهة، ومعه ابو فراس الحمداني الناطق وليس الشاعر العربي، الذي غنت له ام كلثوم"اراك عصي الدمع"أنّ العراق بحسب منظمة الشفافية العالمية يقع في المراكز الأولى في مؤشر الفساد المالي والإداري، ومثل هذا الفساد معروف من يقف وراءه ولا يحتاج الى عبارات مطاطية مثل"فساد مجتمعي"وتقسيم بغداد إلى سنة وشيعة.
مؤسس سنغافورة الحديثة لي كوان كان يقول أنّ"تنظيف الفساد مثل تنظيف السلالم، يبدأ من الأعلى نزولاً للأسفل". ولذلك تمكن أن يبني دولة متعددة الطوائف، لا تملك موارد طبيعية، لكنها تملك ضمائر مسؤولين أنقياء ومحبّين لوطنهم، لتتحوّل معه الجزيرة الفقيرة إلى واحدة من أغنى مدن العالم.
أخطر ما في الفساد أن ينتج لنا أشخاصاً أطلق عليهم عمنا علي الوردي ذات يوم اسماً طريفاً هو"النهّاب الوهّاب"، وهو نموذج للشخصية الفاسدة التي تستغل نفوذها السياسي لنهب الأخضر واليابس، ثم تقوم هذه الشخصية بتوزيع فتات من الهبات على الفقراء من المواطنين من أجل أن يعيدوها إلى كرسي البرلمان. اعذروني لن أعيد السؤال : من اين لحركة إرادة كل هذه الاموال لتصرفها على حملتها الانتخابية!.