الدكتور غالب  الأنصاريمهنة الطب البيطري هي المعين الدراسي الثر والمعرفة العلمية الوارفة الظلال، التي تعنى بإمراض وصحة الحيوان..وهدف هذه المهنة المباشر مرتبط بتحقيق وضع صحي ملائم للإنسان،ليس فقط في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكنه ذو أهمية خاصة في مجال حماية الإنسان من الأمراض والأوبئة الانتقالية من الحيوان للإنسان،
 التي تستهدف الصحة الاجتماعية العامة، وهنا لابد لنا أن نتطرق إلى بعض من هذه الظواهر الصحية والاجتماعية المهمة في ممارسات وتوجهات مهنة الطب البيطري، والقدرات العلمية والخبرات المهنية التي تمتاز بها في هذا المجال.* الصحة العامة البيطرية:(The Veterinary Public Health) اعتادت مهنة الطب البيطري من خلال ممارساتها العلمية والمهنية منذ البداية،الاهتمام بدرجات متفاوتة في الشؤون الحيوانية والحياتية والصحة العامة،وكانت هذه المسارات هي الوسائل الطبيعية الثلاث لتطوير الطب البيطري والاتساع بعلومه.. وعبر السنين المتواترة، وخاصة في الأزمنة الحديثة، نرى أن التقدم المبرمج لهذه المهنة اخذ يتسارع في اختصاصات واهتمامات الطب البيطري، وكذلك تقدمه المتطور في مجال الصحة العامة(public health)، وخاصة في العالم الغربي،حول الأهداف البيولوجية الثابتة والمتعلقة بصحة الإنسان (human health) وفي شؤونه الحياتية.. أن هذه التوجهات العلمية ذات المقاصد الاجتماعية أخذت تتجذر أكثر فأكثر في علوم الطب العامة(common medical sciences)،فاستحقت إذكاء وتفعيل اهتمامات شاملة في مسارات الطب البيطري، لكي يتمكن من تطوير وإذكاء هذه العلوم والاختصاصات، ويضعها في اطار الطب العام (general medicine).أن الانتشار الواسع والاهتمام المتسع في الوقت الحاضر بين جميع علماء الطب، سواء منه الإنساني او الحيواني، الذي يتركز بشكل خاص في مجال المرض المقارن (comparative disease) للجوانب المشتركة بين طب الحيوان وطب الإنسان، قد عزز القدرات المنشودة في المجتمع للسيطرة على الأمراض المشتركة والقضاء عليها.أن العاملين في مجال هذين الطبّيين،الذين انصب اهتمامهم للوهلة الأولى وبجهود مشتركة على الأمراض الانتقالية المشتركة بين الإنسان والحيوان، قد وجدوا ألآن أنهم أصبحوا اكثر ارتباطاً عبر اكتشاف الاهتمامات المشتركة الأخرى فيما بينهم،والمتعلقة بمكونات المجتمع من آدمية وحيوانية، وكذلك الجوانب الاجتماعية في طب المجتمع (population medicine).ونتيجة لهذه الرعاية المثابرة والاهتمام المتواصل في مجال الأمراض المتعلقة بمكونات المجتمع، فان هذه الوشائج الصحية المتنامية بين مهنتي الطب سوف توفر الأمل المرتجى في أن تكون  الوسيلة الضامنة للبناء المتطور في مختلف العلوم الحياتية،ومنها علوم الطب بشكل خاص.وقبل التحري عن بعض الإمكانات والكفاءات التي من الممكن أن تقدمها مهنة الطب البيطري في مجال الصحة العامة، دعنا باختصار نتحرى عن الأرضية المشتركة في الحقلين من مهنة الطب، ويكفي أن نذكران الصحة العامة هي طب المجتمع الإنساني (human community medicine)، وان مشاكل صحة الإنسان يكنى لها بمشاكل الصحة العامة (public health problems) عندما يكون لا مجال لحلها من دون الجهود المشتركة للمواطنين، ومن غير التعاون المنسق لمؤسسات المجتمع المعنية، وبالأخص الصحية منها.وفي الأزمنة الحديثة ارتأت مؤسسات الصحة العامة تسمية المناطق الصحية التي يكون للطب البيطري دور فيها، بمناطق الصحة العامة البيطرية (the veterinary public health).أن هذه التسمية شملت سياقات متشعبة من الجهود والممارسات التي يلعب فيها الطب البيطري ومهاراته المتعددة، دوراً متميّزاً في حل مشاكل المجتمع الصحية ومكافحة الأمراض في الإنسان، وهكذا امتدت مهام الطب البيطري المختصّة بصحة المجتمع، إلى إدارة الصحة العامة والتعليم الصحي، إضافة إلى المواقع الأكثر بعداً لفعاليات الطب البيطري كعلم الصحة (hygiene)، والوقاية من المرض(disease prevention)، والسيطرة عليه (disease control)، والقضاء عليه (disease eradication)، وكذلك علاقة الحيوان بصحة الإنسان.. ولذلك فان مفهوم الصحة العامة البيطرية له أبعاد واسعة في مجال الصحة العامة، وفيه لا تختلف قليلاً او كثيراً التزامات الطب البيطري عن التزامات الطب البشري عموماً في مجال الصحة العامة، ويمكن القول بدقة أن الأطباء البيطريين يقدمون خدمات لصحة الإنسان اكثر مما تقتضيه الالتزامات الاجتماعية العامة.أن مفهوم الصحة العامة البيطرية، قد توسع نتيجة لبعض المسؤوليات الصحية العامة، ليشمل جميع الجوانب الأخرى المتعلقة بصحة الإنسان والمرتبطة بفعاليات وأنشطة الطب البيطري.. ونتيجة لهذا التطور الواسع، فان الصحة العامة النبطرية هي الغطاء الواسع المرتبط بميدان الطب العام او الطب المقارن(general or comparative medicine).. على كل حال، فمن وجهة نظر الأطباء البيطريين، فان هذا التطور الواسع في مجال الطب العام ليس كافيا، لان الطب البيطري في أبعاده ومراميه واضح المعالم والتوجه في مجال صحة الإنسان والمجتمع.. وهكذا مادامت الصحة العامة البيطرية والأنشطة الاجتماعية الصحية للطب البيطري قد أصبحت ضمن الأداء المشترك لمهنتي الطب، فان الصحة العامة البيطرية من منظور تاريخي وعملي أصبح