علي حسين
يعكس تفكير ساستنا ومسؤولينا صورة كوميدية سوداء، وهي من نوع يجعلك تضحك في عزّ الألم، فمثلاً نقرأ في الصحف أنّ حميد الهايس يعتقد أنّ الاميركان يخططون لإبعاده عن العملية السياسية، وتطبيقاً للقول المشهور "ما زاد حنون" يتابع صاحب السبع لفّات إبراهيم الصميدعي مواصلة إلقاء محاضراته القيّمة عن السياسة التي يرى أنها تتطلب "شخص متقلب". نظرية لم تبلغ مخيّلة ميكافيللي من محاولة اللعب على الكلمات وتزويق الانتهازية على أنها فنّ السياسة، ونسمع صوت "حنون" آخر يأتي من النائبة عالية نصيف التي تبكي على البرلمان الذي تعرض إلى الظلم لأنه شجرة مثمرة.
يذكر الكاتب المصري الساخر أحمد رجب أن الاقتصاد ساءَ جداً في عهد رئيس الوزراء عاطف عبيد فكتب في زاويته الشهيرة "نصف كلمة": "سمعت أن أسرة مواطن اسمه عبد الله المصري رفعت دعوى تعويض على رئيس الوزراء، والسبب أن رئيس الوزراء كان يتحدث في مجلس الشعب عن متانة الاقتصاد، وما إن سمع المواطن عبد الله المصري هذا الكلام حتى مات من الضحك، رحمه الله!". أتمنى أن لايموت العراقيين من الضحك وهم يسمعون عالية نصيف تحذّرنا أن "لانبرقع المتبرقع".
ولأننا العراقيين لا نحبّ النكتة و"نصنّف" باعتبارنا آباء شرعيين للحزن، فسأجد حتماً قارئاً كريماً يقول: يارجل هل الوقت الآن يسمح بالمزاح وصحّة العراقيين تتعرض للخطر بسبب تجاوزهم النسبة المعقوله في شرب الكحول؟ هذه ليست نكته مثل نكات عالية نصيف عن التبرقع، ولكنها ياسادة مقال كتبه السيد عادل عبد المهدي أمس في صحيفة العالم تحت عنوان: "هل شرب كميّة قليلة من الكحول خطر على الصحة والحياة؟! ولأنني أؤمن بنظرية المؤامرة اعتقدتُ في بادئ الأمر أنّ الصحيفة تتآمر على السيد عبد المهدي، فمن غير المعقول أن يرمي رجل عمل نائبا لرئيس الجمهورية ووزيراً في العديد من الحكومات، وراء ظهره مشاكل العراقيين والصراع الانتخابي وأزمة مئات الآلاف من النازحين والأيتام، ليشرح لنا أنّ العراقي يخسر سنةً من عمره بسبب شرب الكحول! وماذا ياسيدي عن أعمارنا التي أُهدرت بسبب كذب السياسيين وانتهازيتّهم ولصوصيّتهم.
ولأنّ السيد عادل عبد المهدي درس في باريس أتمنّى أن يعيد قراءة مذكّرات الجنرال ديغول وسيجدُ العبارة الآتية: لا يُقوّي السياسة مثل الصدق!.
الى اين ستذهب "نكات" ساستنا؟ إلى صفحة في التاريخ اسمها من عجائب العراق!