TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قــراءة فـي كـتــاب (مــرآة الـضـمـيــر).. لـلــغــة مــذاق خـــاص

قــراءة فـي كـتــاب (مــرآة الـضـمـيــر).. لـلــغــة مــذاق خـــاص

نشر في: 18 إبريل, 2010: 05:18 م

د.نادية غازي العزاويّرزقت العربية طوال تاريخها العريق علماء وكتابا أفذاذا من غير أبنائها،أشربوا حبها،وألفوا فيها روائعهم،وأسهموا في تعليمها ونشر علومها وآدابها،منهم الكردي والفارسي والتركي والهندي فضلا عن المستعربين من أوربا الشرقية والغربية، ومنهم المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والمجوسي...إلخ.
 أخذوا من العربية الكثير وأعطوها الكثير أيضاً في تلاقح ثقافي راقٍ متعالٍ على الاستقطابات والتقسيمات العرقية والدينية والأجناسية، فالخطاب الثقافي إنساني النزوع حرٌ ,يتأبّى على التوجهات الضيقة الأفق والمحدودة النظر.من هؤلاء نفر من الكتّاب العراقيين الأكراد المعاصرين كتبوا آثاراً إبداعية مهمة،وصنفوا مؤلفات وبحوثاً مرموقة في المشهد الثقافي العراقي. في هذا المعنى وقوفنا هنا على جهود الأستاذ الدكتور (جليل حسن محمد)في كتابه الجديد الصادر عن مطبعة شهاب،أربيل 2009م الموسوم ب (مرآة الضمير) ود.جليل من الأكاديميين العراقيين الفضلاء،مازال يواصل رسالته الشريفة في تعليم اللغة العربية في جامعة أربيل بأمانة وإخلاص،ويؤلّف بعيداً عن الاضواء كدأب العلماء في نفورهم من المغريات الزائفة والمحسوبيّات والمنسوبيّات، وزاد هو على ماتقدّم سبباً آخر يدخل في باب (نقد الذات ) عبّر عنه : بكسل  " مزمن نأى بصاحبه عن الاتصال بمصادر النشر وصرفه عن موالاته. " (ص 3) إنطلق في هذا الكتاب كما في كتبه الأخرى من حبّ ثلاثي متكامل الابعاد:  -القوميّة الكرديّة التي ينتمي إليها.- اللغة العربيّة التي شغف بها.-العراق : الوطن الذي يطوي بين حناياه الانتماءات كلها:الدم والروح والفكر واللسان.صدرت له من قبل دراسات جادة جديرة بالنظروالتمحيص النقدي، ومازال على طريق الكتابة يؤرّقه البحث عن الكلمة الصادقة، والموقف النزيه في عالم يتسيّد فيه الرياء والزيف والخلط المتعمّد للأوراق ليكون العلم أول الضحايا بالاجهاز على معاييره القويمة، وأسسه السليمة، وخططه البنّاءة، وحين تتشوه العملية التعليمية والتربوية يتشوّه الانسان والمجتمع وينهار البناء الحضاري . في مثل هذا الوقت الملتبس تبدو الحاجة ماسّة الى الكلمة / الضمير التي تؤشّر بجرأة مواضع الخلل ومكامن التفسّخ. هذه بعض مقاصد المؤلف من كتابه على طريق النقد الاخلاقي والتوجيهي الذي بعد العهد به،حين غادرالكاتب موقعه العضوي، وأدار ظهره لمشكلات مجتمعه وأزماته، وتخلّى عن المسؤوليّة المنوطة بكلمته.يعلن المؤلف منذ المقدمة انحيازه لجنس المقالة التي ستستوعب مادة الكتاب إذ توزعت فعلياً على خمس وأربعين قالة،ويربط هذا الموقف بعوامل ثقافية واجتماعية من الواقع الراهن قائلاً :" وللمقالة في عصرنا رواج خاص، وعلى قراءتها إقبال محمود، ومن جملة الأسباب التي بوّأتها هذا المقام قصرها المناسب الذي لا يكلّف القارئ المعاصر المثقل بالأعباء وقتاً طويلاً، فضلاً عن أنّ المقالة قرينة الجرائد والمجلات، والجرائد والمجلات سريعة الظهور، كثيرة الانتشار، زهيدة الأثمان إذا ما قيست بغيرها من المقروءات مّا يمنح المقالة حركة نشيطة تجعلها تحت النظر وموضع الاهتمام" ( ص 3).وقبل هذا وذاك فالمقالة هي الجنس الاكثر طواعية  واستيعاباً للمهمات النقدية التي يسعى الكتاب للنهوض بها.وتجمع مقالاته بين النمطين : المقالة الإنشائية والمقال النقدي،  وإن كانت الغلبة للأولى أعني الانشائية، من حيث طبيعة الأسلوب الخطابي وهيمنة المنظور الذاتي الانفعالي على المنظور النقدي الموضوعي.                       1- وأسلوب د-جليل في مقالاته ( متمكن أمكن) – إذا صح الوصف- بعربية مشرقة،مبينة،جزلة،فخمة الأداء،صادرة عن مرجعيات تراثية،ومرجعيات معاصرة وثيقة الصلة بالتراث،فقد تفتّحت مداركه كبقية أبناء جيله على كتابات طه حسين والعقاد والزيات ومندور فضلاً عن اساتذته ومنهم –خاصة علي جواد الطاهر- الذي يرد ذكره في اكثر من مقالة مقروناً بالاعتزاز والإكبار لمكانته الشخصيّة والعلمية.ولايخطئ القارئ أثر هذه المرجعيات في أسلوبه ولاسيما بصمات الجاحظ والتوحيدي والزيات وإن احتفظت مقالاته بشخصيتها الخاصة والمستقلة مضموناً وأداءً حيث الجمل المحكمة والمتينة البعيدة عن الضعف والركة المتفشية – للأسف- في كتابات كثير ممّن يعدّون من أبناء العربية وليسوا منها ومن روحها في شيءسوى الاسم والاصل المقيد في هويّة الأحوال المدنية أو شهادة الجنسية.  إنه يهندس العبارات فتأتي متوازنة الأجزاء،ويشحنها بالحجاج والجدل والاستدلال.  يقول في مقالة بعنوان :(ميزان المرء منطقه):"وليس من العدل أن يطلق العنان باللسان،يشرّق ويغرّب دونما كابح،يصول ويجول من غير وازع، وكأنّ المجد الشخصي معقود بالإفراط في اللفظ، والتفريط بمشاعر المتلقين على مضض،  أمّا الحديث النابض بالحياة والخصب، فالناس عنه باحثون وبه معجبون، ولمزيد منه طالبون، تميل لصاحبه الاعناق، وت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram