TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: نكافح الفساد.. وننتخب الفاسدين

شناشيل: نكافح الفساد.. وننتخب الفاسدين

نشر في: 18 إبريل, 2018: 08:01 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

أخيراً، بفضل الانتخابات في ما يبدو، تحرّكت الماكنة، ونأمل الآن ألّا تُصاب بالعطب والعطل والخلل من جديد فتفتُر حركتها ويتلاشى ضجيج محرّكها بمجرد إغلاق صناديق الاقتراع مساء الثاني عشر من أيار المقبل.
ماكنة مكافحة الفساد الإداري والمالي هي المعنية هنا. في الأشهر الأخيرة، رفع رئيس الوزراء حيدر العبادي من نبرة كلامه وزاد من وتيرة أحاديثه بخصوص المكافحة ووعوده وتعهداته بإقران الأقوال بالأفعال.. هيئة النزاهة، من جانبها، ما عادت تستحي وتكون بخيلة، كما في السابق، فتتردّد في إعلان التفاصيل عن الفاسدين والمفسدين المُلاحَقين أو المُحالين إلى القضاء أو المحكومين. وها إنّ اثنين من أباطرة الفساد (عبد الفلاح السوداني وزياد القطان) أُلقيَ القبض عليهما في الخارج وأعيدا مخفورين (برغم مخاوف عبّر عنها البعض بتسوية أمر كلّ منهما على غرار ما حصل مع فاسدين كبار في الداخل، ومنهم محافظون ورؤساء مجالس محافظات شُمِلوا بأحكام قانون العفو العام، وبعضهم بلغ حدّاً من الصلافة أن يرشّح في الانتخابات الوشيكة ضمن قوائم القوى المتنفّذة، الراعية الأكبر لعمليات الفساد!)، فيما أباطرة آخرون يسرحون ويمرحون أينما يشاؤون داخل البلاد وخارجها... ومع التيار مشت وزارات ودوائر وجدناها تتسابق في الإعلان عن كشفها حالات فساد داخلها، لكنها عموماً من وزن الريشة والوزن المتوسط، أما ذوو الوزن الثقيل فمحميّون بالعناية الحكومية، والربّانية أيضاً!
هذا النشر شبه اليومي عن"منجزات"الوزارات والدوائر والمصارف في الكشف عن الفساد أمر مفرح بالتأكيد، لكنّه أيضاً مثير للفزع فضلاً عن الوجع.. الشعور حياله يشبه الشعور المتأتّي من اكتشافك، وأنت في أعالي البحر، أنّ السفينة التي تسافر بها مثقوبة والمياه تتدفق إليها على نحو ليس من السهل السيطرة عليه.. نحن، كما يتبدّى لنا من هذا النشر، وهو محدود ولا يأتي بكلّ التفاصيل، في دولة مستباح فيها كلّ شيء: أموالها ودستورها وقوانينها وكرامتها وسيادتها واستقلالها، ونحن في مجتمع منتهك فيه كلّ شيء فيه أيضاً: الأخلاق والقيم والتقاليد والأعراف والمصالح العليا.
هذا الانفلات في الفساد الإداري والمالي ما كان له أن يكون لو لم يكن يحظى بالرعاية والعناية من الأحزاب والقوى المتنفذة وقياداتها، وما كان أن يكون ويتواصل ويتفاقم لو لم تتأخر إجراءات المكافحة الفعالة كلّ هذا الوقت.
المُفزع أيضاً أنّ الضوء المرئي في نهاية النفق يبدو خافتاً وباهتاً للغاية.. هذا ما تكشف عنه صور المرشحين إلى الانتخابات التي تزدحم بها الشوارع والساحات الآن.. ثمة العشرات، وربما المئات، من المرشحين، وخصوصاً على قوائم الأحزاب والكتل والائتلافات المتنفّذة، هم فاسدون بامتياز.. المشكلة أنّ هؤلاء مضمونٌ فوزهم، بالمال الحرام الذي نهبوه وأحزابهم وكتلهم من الموازنات السنوية وسواها، وبالدعم السياسي الذي يحظون به من قيادات هذه الأحزاب والكتل!
كيف نكافح الفساد فيما نفتح أبواب أعلى وأهمّ هيئة في الدولة للفاسدين؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram