ترجمة: المدى
نواقيس الخطر دقّت لدى نقابات عمال بعض الدول في العالم بسبب وجود مقترح يقضي بضرورة اجراء اصلاحات بنيوية عميقة تتلائم مع تغيّر طبيعة ظروف العمل والتطور التكنولوجي المستقبلي .
ويقترح البنك الدولي World Bank بتقليل الأجور الدنيا للعمال مع منح صلاحيات اكبر لأصحاب الأعمال بحق التعيين والطرد كجزء من عملية واسعة النطاق للتقليل من قوانين أسواق العمل، يراها البنك الدولي، ضرورية لتهيئة الدول لمتغيرات مستقبلية قادمة بظروف العمل .
وجاء في مسودة مشروع قرار عن العمل تضمنه تقرير التنمية الدولي الصادر عن البنك، الذي سيحث فيه حكومات على اتخاذ اجراء معين عند ظهوره للعلن في الخريف المقبل، انه يتطلب تشريع قوانين أقل حدة تتمكن فيها الشركات من استئجار عمال بأجور وكلف أقل .
هذه التوصيات المثيرة للجدل، التي تستهدف بالاساس دولاً نامية، قد اثارت حفيظة منظمات تعنى بحقوق العمال والتي تقول بأنهم قد تعرضوا أصلاً لمصاعب أسبابها توصيات صادرة عن البنك .
بيتر باكفيز، ممثل العاصمة الاميركية واشنطن للاتحاد الدولي لنقابات العمال، قال إن المقترحات كانت مؤذية ورجعية، ولا تتماشى مع ورقة عمل المنفعة المتبادلة الموضوعة من قبل رئيس البنك الدولي، جيم يونغ كيم .
وأضاف بأن رؤية تقرير التنمية الدولي عن عمال عالم المستقبل، هو أن يرى الشركات تتخلص من عبء المساهمة بالأمن الاجتماعي وتتمتع بمرونة تسديد مستحقات العامل بأقل أجر تريده، وكذلك حقها بطرد أو الاستغناء عن العمال بمحض إرادتها . دور نقابات العمال كمصدر لإسماع صوت العمال سيتحطم بهذه الاجراءات والتوصيات الجديدة .
ومضى، باكفيز، بقوله " التقرير تجاهل حقوق العمال بشكل كامل تقريباً، ويدعو الى اضعاف قوة سوق الأيدي العاملة وبث ظاهرة تقليص حصة العمل من الدخل الوطني العام ."
من جانبها عبّرت منظمة العمال الدولية أيضاً عن قلقها إزاء تلك المقترحات والتي تتضمن حق اصحاب الاعمال بإلغاء تسديد الحد الأدنى من الأجور اذا ما ادخلوا نظام المشاركة بالأرباح مع العمال .
وجاء في تقرير التنمية الدولي ما نصه: " الحد الأدنى من الأجور العالية، والتقييدات غير الضرورية على استئجار العميل أو فصله، وصيغ ابرام العقود الصارمة، كل تلك تجعل من العمال اكثر غلاءً إزاء التكنولوجيا ."
قبل خمس سنوات استنتج تقرير التنمية الدولي الصادر في 2013 عن البنك الدولي، بأن تشريعات العمل لم يكن لها تأثير على معدلات فرص العمل، ولكن مشروع قانون تقرير التنمية الدولي الجديد الذي سيصدر في خريف عام 2019، يقول بأنه اذا كان طرد العمال مكلفاً، فإنه سيتم تعيين القليل منهم، وهذا من شأنه أن يجعل الشركات تأقلم نفسها مع طبيعة التقدم التكنولوجي إزاء استئجار الأيدي العاملة.
لقد تم الاعداد لهذا التقرير وسط تصاعد توقعات تاثير التقدم التكنولوجي الافتراضي والروبوتي على تشغيل الأيدي العاملة وأجورهم بعد عقود من الزمن في المستقبل .
وجاء في مسودة القانون أيضاً " التغيرات السريعة بطبيعة العمل تضع الاهتمام الرئيس بالمرونة التي ستتعامل بها الشركات في تعديل نظام استئجارها للأيدي العاملة، وكذلك بالنسبة للعمال أيضاً الذين سيستفادون من ديناميكية سوق العمال المتزايدة ."
وقال ممثل الاتحاد الدولي للنقابات، باكفيز، إن مشروع القرار طرح نظام برنامج يدعو لتقليل القرارات الصادرة بحقوق العمال بضمنها الأجور المتدنية ومرونة إجراءات طرد العامل وساعات العمل، مشيراً الى أن تدني دخل العمال الناجم عن ذلك سيعوض جزءاً منه عن طريق الضمان الاجتماعي الأساس الذي غالباً مايكون تمويله من ضرائب الاستهلاك ذات المردود العكسي .
يقول التقرير، إن قوانين العمل تحمي فئة قليلة من الذين يشغلون وظائف رسمية، في حين تترك جميع العمال الآخرين، وإن أيّ نوع من قوانين الحماية الاجتماعية التي بدات مع مجيء المستشار الالماني، اوتو فون بسمارك، في أواخر القرن التاسع عشر، لم تعد تتماشى مع العصر، لأنها شملت ثلثاً واحداً فقط من سكان البلد النامي .وأضاف متحدث عن البنك الدولي بقوله: "من اجل اثارة النقاش وتوجيه الانتباه نحو قضايا مهمة، سيطرح التقرير جملة من الأفكار حول كيف يمكن للحكومات خلق الظروف التي يمكن أن يستفاد منها العمال من عوامل التغيرات الضخمة في عالم التكنولوجيا والتغيّر الديمغرافي والتمدن الحضاري، فضلاً عن عوامل أخرى ."
وأكد قائلا "من أجل وضع نهاية للفقر وتعزيز مبدأ تبادل المنفعة، فإنه من الضروري جداً أن نأخذ بنظر الاعتبار مبادرات جديدة لمواجهة التمزق الذي سيتأتى بالتأكيد عن هذه التغيرات البنيوية. نحن نشجع ونتطلع قدماً نحو ابداء الملاحظات والنقاش المبني على أدلة حول هذا الموضوع الحيوي ."
عن: صحيفة الغارديان البريطانية