طالب عبد العزيز
في فوضى الانتخابات الحالية، ووسط هرج ومرج الذين تقدموا للترشيح، ومع تزايد الخروقات التي قام بها بعض أنصار المرشح هذا ضد المرشح ذاك، ما تزال الصورة سوداوية، منفلتة، خارجة عن القاعدة التقليدية في الممارسة التي يراد منها انتقال البلاد من المحاصصات السياسية والطائفية الى بناء دولة المؤسسات، مع يقيننا باستحالة ذلك الآن، بحسب المعطيات كلها. أقول وسط ذلك كله، أجد إننا، لا نعدم وجود المخلصين، الصادقين، الوطنيين من الذين رشحوا أنفسهم وقبلوا التحدي يحدوهم هاجس واحد لا غير ألا وهو إنقاذ البلاد.
ولأنني، لم أحدّث بياناتي، بمعنى لن أدلو بدلوي في أي صندوق انتخابي سأقول بأن جاري، الطبيب (....) أحد الذين أعرفهم بوطنيتهم وانسانيتهم وحُرق قلوبهم على ما آل إليه العراق، هو طبيب ناجح في عمله وميسور الحال، ولم يكن بحاجة المال يوماً بداً، وما كنت أعرف عنه إلا الإنسانية الخالصة لله وللوطن، وقد فوجئت به مرشحاً. بصراحة، أشفقت عليه دخول اللعبة(المكروهة) هذه، لأنه، لا يعرف من ألاعيب وحيل السياسة شيئاً، هو ذاهب بكليته الى الصدق والأمانة والعمل المخلص، يا ترى كيف سيعمل بين وسط سياسي ملغز، ملغم، لا تبدو صورته الأولى إلا خادعة وغير مشرفة.
أنا، لا أريد أن أبدو داعية للرجل هذا، أبداً، بل أعيش محنته عن قرب حين أطالع أعمدة الكهرباء التي ملئت بصور المرشحين، الذين أعرف حيوات وتواريخ بعضهم بما فيها من القصور وعدم الكفاءة، بل أعرف عن قرب السلوك الشائن عند بعضهم، لذا سأبرر امتناعي عن المشاركة بالانتخابات بموجب وجود هؤلاء، ذلك لأنني أعرف بأن الكثير منهم سيصعد الى البرلمان، الذي ستكون صورته القادمة ضمن الإطار المعد سلفاً، حيث سيعيش الشعب العراق مرارة جديدة، من خلال الآلية التي أصرت الكتل الكبيرة على بقائها في الدستور وقانون الانتخابات وأعضاء المفوضية ومن خلال تفاسير المحكمة الاتحادية التي سيلجأ إليها الكبار إذا أخفقوا في تحقيق مراميهم.
بالأمس، طافت شوارع البصرة الحشود المؤيدة لترشيح أحد أبناء البصرة، وهو ضابط كبير في البحرية وزعيم قبيلة معروفة، وهو أول محافظ للبصرة بعد العام 2003 وشقيق لضابط كبير، أعدمه صدام حسين، لكنه استبعد من المشاركة كمرشح قوي بحسب قوانين المفوضية، وقانون الاجتثاث، مع أن البصرة بكاملها تعرف أن الرجل مخلص للعراق ولمدينته، وهو مشهود له بين الأوساط العسكرية والاجتماعية والدينية أيضاً. وفي مقارنة بسيطة بينه وبين العشرات من الذين رشحوا وقبلوا سيكون الرجل قد دخل المعادلة الصعبة، بل من السخف أن يقرن هذا وأمثاله مع هؤلاء، أكرر أنا لن انتخب، لكنني أسجل اعتراضي على الآلية القبيحة والمعيارية المجحفة التي يتم بموجبها قبول البعض ورفض البعض الاخر.
أعرف مرشحين أثنين، من القريبين الى الوسط الثقافي لكنهما وبشهادة الوسطين الثقافي والصحافي لا يصلحان لإدارة مدرسة ابتدائية بثلاثة صفوف، ولو سألت عن أمانتهم لأجابك البعض بالآية التي تقول:".... وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ"عن أي مشاركة نتحدث؟