إياد الصالحي
لم نكن نشأ أن نخصّص رأي اليوم عن واقع التحكيم في منافسات دوري الكرة الممتاز للموسم 2017-2018، لاسيما بعد أن استمرّ مسلسل الأخطاء الساذجة التي يرتكبها البعض وصارت محط تندّر الجمهور تارة وسخطه تارة أخرى منذ بداية الدوري حتى الآن، لكن ما أثير في الآونة الأخيرة من تنامي الرغبة باستقدام طواقم تحكيمية خارجية استدعى التوقف والتأمّل لبيان إنعكاس القرار على مستقبل الصفّارة المحلية.
مبدئياً لا ضير أن تُقدِم الاتحادات الكروية عربياً وآسيوياً على الاستعانة بحكام من خارج أوطانها، وهناك دوريات خليجية محترفة بادرت للاستفادة من خبرات الحكام الأجانب للخلاص من (القيل والقال) بين مدرجات ملاعبها، وأيضاً الانتهاء من حملات الاتهامات التي تمارس بانتظام من بعض الكتّاب الموالين علانية للأندية الكبيرة والمروّجين لانشطتها والداعمين لاداراتها التي يرأسها أصحاب السلطة ، أما في دورينا فالأمر مختلف تماماً ليس للاحتراف صلة بمنظومة الكرة العراقية مع انتهاء الموسم، ومازالت لجان الاتحاد المركزي تعمل وفق اجتهادات تحت الضغط بما في ذلك لجنة الحكام الراعية لمصالح الحكام والتي لم تصلح عملها، وزاد معدل الطعون بقراراتها من أشخاص يمتهنون التحكيم منذ سنين طويلة ويحلّلون بمنتهى النزاهة، فكيف نستعين بخبرة الحكم العربي أو الأجنبي لتغيير انطباع سلبي، ونحن لم نغيّر من سياسة لجنة الحكام وخططها المتنافرة مع استحقاق الدوري العراقي لحكام أكثر جاهزية وقاعدة بديلة تمنح أسرة اللعبة الأمان على سلامة قضاء الكرة إدارياً وفنياً؟
حكام الاستعارة المؤمّل فتح ساحة الدوري أمامهم في المواجهات المتبقية من الموسم الحالي أو التالي سيشكّل تواجدهم ضربة موجعة لشخصية الحكم العراقي ويفضح هشاشة لجنة الحكام وعجزها عن إيجاد بدائل غير الاستعانة تحافظ على ثروة التحكيم التي تكتنزها كرتنا بوجود نخبة طيبة من الحكام الخبرة والشباب لا يحتاجون سوى ثقة كبيرة ودعم مالي وصقل دائم لإمكانياتهم.
وإذ نتأسّف لبلوغ التحكيم العراقي مرحلة اليأس وإنعدام الثقة والضعف بين الأوساط الإعلامية والجماهيرية مثلما إتضح في الأدوار الأخيرة باستثناء عدد محدود ممّن خبرنا كفاءتهم والتزامهم وحرصهم على الظهور المشرّف في إدارة المباريات، فإننا نحذّر من لجوء لجنة الحكام الى الصفارة الأجنبية مهما كانت جنسياتها فالقاسم المشترك في المهمّة هو اتخاذ القرار بانصاف الثواني بعقلية بشرية تتأثر بعوامل نفسية منها اللغة والعادات وبيئة الرياضة ومتغيّرات الطقس فضلاً عن ردود الفعل الجماهيرية وهي النقطة الجوهرية التي تدعونا للتراجع عن فكرة حكام الخارج، وإلا من غير المنطقي أن نتوقّع تغييراً في طبائع أنصار الأندية، ومن المستحيل أن يَستبدل الجمهور سلوكه بمجرّد تسمية حكم أجنبي لإدارة المباراة!
لا نقلّل من الأخطاء الحاصلة في كل دور مهما كانت بسيطة، فالخاسر يُمسك بذريعة قرار الحكم المخطىء في دقيقة واحدة متناسياً سوء الأداء لـ 89 دقيقة، وهي مشكلة كبيرة يجب أن تعي لها إدارات الأندية وتثقّف على تجاوزها، وهناك أخطاء فاضحة للمدرب نفسه باشراكه لاعباً غير جاهز يقلب النتيجة ضده، وهناك إنفلات في سلوك بعض اللاعبين يعمدون على إهانة الحكم بجرّ قميصه أو دفعه أو خزره عيناً بعين وربما شتمه ما يؤجّج ذلك مشاعر الغضب والاستياء في نفسه، فيعمد الى ترصّد اللاعب المسيئ لإنذاره أو إشهار الكارت الأحمر في وجهه دون التريث أو التغاضي عن الحالة بمرونة تقديره لها.
لا ننسى أن تصاعد لغة التشكّي من أخطاء الحكام تزامنت مع مباريات شهري آذار الفائت ونيسان الحالي اللذين شهدا طعناً بشرعية انتخابات رئيس لجنة الحكام طارق أحمد كونها جرت في جلسة اجتماع عادي لمناقشة اسماء الحكام الدوليين وتعد من ضمن الخروق البائنة، وهذا بحد ذاته قوّض ثقة الحكم الشاب برئيسه ولجنته لأنه جزء منها ويتأثّر بما يسمعه ويقرأه، وعليه لابد أن تحزم اللجنة عملها وتقرّر الاعتماد على نخبة من الحكام الجيدين وتبعد زملاء لهم أخفقوا في مباريات عدة شكّلتْ صدمة كبيرة للجماهير، والمهم رعاية الحكم الوطني وتوفير أفضل أجواء العمل ليؤدي مهامه بشجاعة ومهنية تفرضان احترام الوسط الكروي له.