طالب عبد العزيز
نطالع بين الحين والآخر تقارير أجنبية تتحدث عن حرب العراق - هكذا تسمّى هناك- ولا جديد في الموضوع إذا قلنا بان الحرب لم تكن لإسقاط نظام صدام حسين بدعوى امتلاكه الأسلحة النووية، فهذه ما عادت تصلح لحديث ما، ذلك لأن القضية برمتها إنما تتعلق بالسياسة الاميركية- الإسرائيلية، الجديدة في الشرق الأوسط وهذا ما تحقق في سوريا واليمن وليبيا ومن قبل ذلك في مصر، بل وما يعد له في السعودية أيضاً.
ولا يبدو أن القول معقولا بأن أميركا فقدت سيطرتها على العراق، بعد تغلغل إيران في الشأن العراقي، من خلال أجندتها المعروفة، وقد لا نتفق مع القول بأن أميركا وإيران إنما يتقاسمان الغنيمة في الداخل العراقي، ويمارسان ضغوطهما على بعضهما، على الأرض العراقية، فالخلاف بين القوتين واضح، ونقاط الالتقاء قد تبدو ضعيفة، لكن، إنهاك العراق من قبل البلدين بالطريقة التي نشهدها يجعلنا نتساءل، قائلين: لماذا ؟ وإلى أي حدٍّ بلغت الرثاثة والعجز والعمالة بالسياسيين العراقيين؟ ثم أين هم من كل ذلك، نحن لا نريد ليقيننا أن يكون مطلقا، بأن العمالة مشتركة بين فريقي الحكم، وهي مقسمة بين أميركا وإيران؟
كان على الحكومات العراقية التي تعاقبت بعد العام 2003 إطلاع الشعب العراقي على بنود وفقرات الأوامر الـ 100 التي أصدرها بول بريمر، إذ من المعيب عليها أن يعرفها العراقيين عبر تقارير وبحوث أميركية، وهنا نورد نص الأمر 81 في قائمة الـ 100 أمر التي أصدرها يريمر والقاضي "بحظر استخدام أنواع من البذور المحمية، المذكورة في الفقرة 1،2 من المادة 14من قبل المزارعين العراقيين، وهم غير مسموح لهم بحفظ البذور ولا مشاركتها ولا إعادة زراعتها" انتهت الفقرة. لماذا لا يعرف الشعب عن بنك البذور المركزي، البذور التي كانت تزرع في العراق منذ آلاف السنين، وكان البنك هذا، قد قام بتطويرها داخل مختبراته التي هدمت وقوضت بعد العام 2003، ولم يبق منها سوى 5% في العام 2005؟ ما الذي يجري ؟
وماذا يعرف الشعب العراقي عن (مونسانتو) الشركة الأميركية، التي تولت تزويد العراق ببذورها المعاملة وراثياً، والتي يستحيل زراعة بذورها الجديدة ثانية، القضية التي يضطر المزارعين العراقيين بموجبها في الاعتماد على بذور الشركة هذه الى ما لا يعلمه الله، ولم يتوقف الأمر عند هذه، إنما أن شركة مونسانتو لديها برنامج تجريبي على بذورها خارج الولايات المتحدة، وقد تم تعيين مديرها كمستشار زراعي في العراق بعد العام 2003 وهو موظف سابق في برنامج الأغذية الاميركية، وتم تزويد المزارعين بستة أنواع من القمح، ثلاثة منها مخصصة لعجينة المعكرونة، والعراقيون لا يأكلون المعكرونة كما هو معلوم. ما الذي يجري؟
مطلوب من الحكومة التنفيذية إطلاع الشعب العراقي على بنود بريمير الـ 100 وعدم السكوت على ما يحدث في العراق، وإذا كنا كشعب، نعرف عن قرب، وبوضوح تام، الدور الإيراني في تخريب الاقتصاد العراقي، من خلال إغراق السوق العراقية بالمنتوج الإيراني الزراعي على وجه الخصوص، وما يقوم به عملاؤها من تجار السياسة، يتوجب علينا معرفة ما تم عقده من بنود في أوامر بريمر الـ 100، مع يقيننا بأن الشعب بات يعرف عملاءه المتسترين معرفته الكاملة بعملائه المعلنين.