الواشنطن بوست: رئيس كوريا الشمالية أثبت أنه زعيمٌ تكتيكي ومناور
سيول/ رويترز - أ.ف.ب
"قمة تاريخية".. هكذا وصفت وسائل الإعلام العالمية اللقاء غير المسبوق بين رئيسي كوريا الشمالية كيم جونغ أون والجنوبية مون جيه إن، في المنطقة الحدودية منزوعة السلاح بين البلدين.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، إن كيم أصبح أول زعيم لكوريا شمالية تطأ أقدامه الأرض الواقعة تحت سيطرة كوريا الجنوبية، لبدء اجتماع تاريخ مع مون جيه سيمثل اختباراً لاستعداد كيم للتخلي عن أسلحته النارية.
وأضافت الصحيفة، أن تخطّي كيم الخط الفاصل فى المنطقة الحدودية الأكثر تسليحاً فى العالم، لم يكن أمراً يمكن التفكير فيه قبل أشهر قليلة. وبالنسبة لرئيس كوريا الجنوبية، فإنه قد وضع نفسه فى قلب الدبلوماسية التى تسعى لإنهاء المواجهة النووية مع الشمال، ويمثل هذا اللقاء مهمة صعبة ألا وهي إيجاد أرضية وسط بين عدو ماكر يتمثل فى الشمال وحليف متهور في واشنطن.
ورأت الصحيفة، أن المواجهة التاريخية في بيت السلام، وهو مبنى للمؤتمرات يقع في قرية بانمونجوم الحدودية، يمكن أن يحدد الاتجاه للقاء الأكثر أهمية المقرر بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكيم.
وخرج كيم صباح أمس الأول الجمعة، من مبنى إداري تابع لبيونج يانج داخل قرية بانمونجوم، وسار نحو الخط الحدودي حيث كان مون جيه في انتظاره. وابتسم القائدان للكاميرات وتصافحا عبر لوح أسمنتي يشطر القرية الحدودية بين البلدين.
بعدها عبر كيم الحدود وتوقف الزعيمان قليلاً لالتقاط الصور، وعاد إلى الجزء التابع لكوريا الشمالية بناءً على طلب من كيم لفترة قصيرة فى لحظة رمزية، قبل أن يعودا مجدداً إلى كوريا الجنوبية ويتصافحا.
وعلّقت صحيفة"نيويورك تايمز"على هذه اللقطة قائلة، إنها أصبحت واحدة من العديد من الصور التي تظهر فهم البلدين لقيمة الدعاية على المسرح السياسي.
وأضافت، أنه في ظل علمهما بأن الصور والفيديو الخاص بهذا اللقاء سيبث في جميع أنحاء العالم، فتم اختيار حتى الملابس لتعكس رسالة، فبالنسبة لمون، كانت بدلته الداكنة مع ربطة العنق الزرقاء تشبه اللون المستخدم في علم التوحيد الكوري الذي يستخدمه البلدان عندما يلعبان كفريق واحد في الأحداث الرياضية الدولية.
فيما ارتدى كيم بدلته التقليدية، في رسالة لمواطنيه بأنه رغم أنه في أرض العدو، فإنه لا يزال ملتزماً بالقيم والزيّ الذي أسّسه جده مؤسس كوريا الشمالية الذي أمر في عام 1950 بغزو الجنوب وبدء الحرب الكورية.
وخلال القمة، وافق الرئيسان الكوريان على العمل لإزالة جميع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية وإعلان نهاية رسمية للحرب الكورية بنهاية هذا العام. ووفقاً لبيان صادر بتوقيع كل من كيم ومون جيه، فإن الكوريتين تؤكدان الهدف المشترك لجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية من خلال توقف كامل عن التوجه النووي.
من جانبها، قالت صحيفة"واشنطن بوست"إن كيم، أراد أن يقول للعالم، إنه زعيم عالمي عاقل تماماً، مشيرة إلى أنه شهد تحولاً هائلاً عما بدا عليه الأمر في بداية العام الحالي، عندما كان يتفاخر بامتلاكه لزر نووي على مكتبه، وبالأسلحة النووية التي تضع كل الولايات المتحدة في مداها.
ويقول جاري سامور، خبير منع الانتشار النووي في كليني كيندي بجامعة هارفارد، والذي عمل في مجلس الأمن القومي الأميركي في عهد أوباما، إن كيم هو سيد المبادرة الجريئة، فقد نسينا تقريباً المزاعم بأنه قتل أخاه غير الشقيق بسلاح كيماوي العام الماضي، وأنه مزّق عمّه بأسلحة مضادة للطائرات.
بينما قالت ويندي شيرمان، نائبة وزير الخارجية الأميركي السابقة التي لديها تاريخ طويل في التعامل مع كوريا الشمالية، إن كيم، أثبت أنه زعيم تكتيكي ومناور. وأعربت عن اعتقادها بأنه من الذكاء أن يقول لكوريا الجنوبية أنه سيلتقي مع ترامب وسيتحدث عن نزع السلاح النووي والسماح لهم بنقل الأخبار والمضي قدماً في هذا الأمر.
من ناحية أخرى، لفتت مجلة تايم إلى أن شقيقة كيم الصغرى لعبت دوراً بارزاً على طاولة التفاوض في هذه القمة، لتعزّز صورتها كأقرب المقربين من كين، وربما ثاني أبرز شخصية في نظامه الحاكم.
كانت كيم يو جونغ، التي يعتقد أنها تبلغ 30 عاماً، قد ظهرت كشخصية بارزة في نظام كوريا الشمالية، بعدما أصبحت أول فرد في عائلة النظام الحاكم يسافر إلى الجنوب، في شباط الماضي، في أثناء دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وكانت بجانبه أيضاً اليوم وهو يقابل لأول مرّة مون جيه، ويجري معه محادثات، في حين كان المسؤول الوحيد الآخر الحاضر من كوريا الشمالية كين يونغ كول، رئيس المخابرات السابق والمسؤول عن العلاقات مع الجنوب.