سلام خياط
(٢-٢)
السؤال الذي لا يحتاج لإجابة : هل كان ( إليوت ) يجهل ما يجري تحت سمعه وبصره ؟ أم إنه كان يعلم ويغض الطرف ؟؟
هذا ال “”غض الطرف “” كان يتفصد رموزاً ودلالات في العديد من قصائده في تلك الفترة وما تلاها ،، وقد يكون سكوت (إليوت ) يحمل أسبابه معه : أولاً — كان راسيل مرشده ،،وبمستطاعه تقديمه للمحافل الأدبية والصحافة ودور النشر ، سيما وإن تزكية الأديب للشاعر في تلك الأوساط لا يمكن أن تخيب ،، السبب الثاني : نجاح راسيل في إرضاء الزوجة المتطلبة فيما أخفق فيه الزوج .. والسبب الثالث مورد معلوم للرزق …… لم تجر الرياح بالسفينة بما يشتهي الربابنة ،، فقد تعرف البروفيسور أثناء إستجوابه — لتمزيقه الدعوة للتجنيد الإلزامي والدعوة للسلام والحض على التمرد — على إمرأة داعية مثله ، إسمها (( كوليت أونيل )) ومنذ ذلك الحين لم يعد في حياته إلاها ،، لتوضع فيفيان على الرف ،، مما جعلها تحس بالدونية ، ولتتفاقم حالتها النفسية سوءا … بعد همود الرغبة بالزوجة ، إتسع الجفاء بين الشاعر والداعية .
رغم التباعد الفيزياوي بين الزوجين .. فقد لعبت (( فيفيان )) دوراً مهما في حياة الشاعر بعدما بدأ يلمع نجمه في سماء الثقافة ،، ولطالما شوهدت في إجتماعات زمرة ٬”بلومز باري “” — ذلك التجمع الثقافي الذى ضم النخبة من مثقفي تلك الحقبة — متأبطة مسودات القصائد أو محاضرات (إليوت).
على الرغم من قطع العلاقة مع ( راسيل ) إلا أن الشعور بالغضاضة - ربما من تأنيب الضمير كونه لم يوقف تلك العلاقة الآثمة ،، بل شجعها ، مستمتعاً بما كان يغدقه راسيل من عطايا وما يعد به لنوال الشهرة .. عندما أيقن ( إليوت ) إن زوجته بسورات هياجها وكآبتها ستكون عائقاً أمام صعوده المتوثب وشهرته المتعاظمة قرر الإنفصال ،، لكنها لم تستسلم بسهولة ،، كانت تلاحقه في أي مكان يلقي شعره فيه وتجلس في الصفوف الأمامية لتشاهد مسرحياته مرتين وعشرة دونما ملل … حين يئست من أسترجاعه أغرقت نفسها بالشراب وبجرعات الدواء حتى توفيت وحيدة عام ( ١٩٤٧) وظلت حتى أخر أيامها تردد - ليس الذنب ذنبه —
بعد أعوام (الدعة ) وحتى وفاته عام ( ١٩٦٥ ) لم يكتب قصيدة واحدة عصماء ولا ألف مسرحية خالدة ،، وهو ما أنجزه طيلة سنوات شقائه مع (( فيفيان )) والتي قاربت السبعة عشر عاماً…
على الرغم من ضخامة حجم الكتاب (( ٦٨٠ ))صفحة ، ورغم إنحسار عدد قراء الكتب الورقية أمام إكتساح الإنترنيت ،، فإن العجب حقاً أن يقبل القراء على إقتناء الكتاب بنهم .وتسجل مبيعاته ضمن قائمة الكتب الأكثر مبيعاً … ولاعجب ،،إنه : (تي إس إليوت) شاعراً و ناقداً خادعاً ومخدوعاً ، حياً وميتاً ،، وممعناً في الحضور .