TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: متى نبلغ مستوى أرمينيا..؟!

شناشيل: متى نبلغ مستوى أرمينيا..؟!

نشر في: 2 مايو, 2018: 07:49 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

ها هي دولة أخرى تقدّم لنا نفسها مثالاً وأنموذجاً لما تتحلّى به الطبقة السياسية، الحاكمة والمعارضة سواء بسواء، من إعلاء للوطنية وتقديم مصلحة الوطن والشعب على المصلحة الحزبية والشخصية.
زعيم الحزب الجمهوري الحاكم ورئيس الوزراء في جمهورية أرمينيا سيرج سركسيان، وهو رئيس دولة سابق، اختار أن يركن الى العقل والحكمة ويقدّم استقالته نزولاً عند رغبة الشارع الذي شهد تظاهرات على مدى عشرة أيام طالبت بعدم استمراره في الحكم بسبب الفشل الذي مني به، وبتولية زعيم المعارضة نيكول باشينيان السلطة خلفاً له في هذه الجمهورية التي، لمن لا يعرف، تقع على مرمى حجر من العراق، فلا يفصل في ما بينها وبيننا غير تركيا من جهة وإيران من جهة أخرى.
سركسيان لم يكتف بتسليم مفاتيح الحكم إلى خليفته من دون مقاومة، وإنما أيضاً وجّه كلمة إلى شعبه قال فيها:"أتوجه إليكم بالحديث للمرة الأخيرة وأقول إن نيكول باشينيان، زعيم المعارضة، كان صائباً، وأنا أخطأتُ!".
قبل هذا كان الحاكم الأرميني قد حاول المناورة والمداورة للبقاء على رأس السلطة، لكنّه إذ أدرك أن استمراره يمكن أن يقود البلاد الى اضطرابات عامة، وربما يتسبّب في انقلاب عسكري، فقد وضع الوطن ومصلحته والشعب ومستقبله أمام عينيه وقرّر الإذعان لمطالب الثورة المخملية التي اجتاحت أرمينيا. هذه الثورة اندلعت على خلفية تردّي الاوضاع في البلاد في عهد سركسيان، فقد تفشّى الفساد الإداري والمالي وارتفعت مستويات التضخم والبطالة والفقر وزادت الأسعار وتردّى نظام الخدمات العامة، على النحو الذي نعاني منه هنا في العراق منذ ما يزيد على عشر سنين.
هذا التصرّف من حاكم، مثل رئيس الوزراء الأرميني، لا يمكن وصفه إلا بالوطني والحكيم والمسؤول. وهذا بالطبع يخالف تماماً سلوك أفراد الطبقة السياسية المتنفّذة في العراق الذين إن وصل الواحد منهم الى السلطة تشبّث بها بأظافره وأسنانه وأعلن أنه لا يعطيها، أو سعى إليها، وهو خارجها، بكلّ الوسائل والسبل حتى الرديئة والدنيئة منها، كما هو حاصل في الحملة الانتخابية الجارية الآن المصروف عليها عشرات ملايين الدولارات المسروقة من المال العام ومن حصة الفقراء والمعدمين في لقمة العيش الكريم وفي خدمات صحية وبيئية وتعليمية وبلدية أساسية.
هل يمكن لنا أن نكون ذات يوم مثل أرمينيا..؟!

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram