adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
المفوضية العليا للانتخابات موصوفة بأنها مستقلّة، ولطالما اتُّهِمت بأنها ليست كذلك كحال سائر الهيئات "المستلقة".. لا ينبغي فهم هذه الاتّهامات، السابقة واللاحقة، على أنها تنطلق من موقع العداء للمفوضية واستقلاليتها المكفولة دستورياً.
الوقائع المتكرّرة بعشرات المرّات في كل عملية انتخابية هي قاعدة هذه الاتّهامات. مؤكَّد أنّ ما لا يقل عن 99 بالمئة من العراقيين يريدون للمفوضية والهيئات الأخرى أن تكون مستقلة بحق، ويقفون بالضد من "استخراد" استقلاليتها وتحويل المفوضية من هيئة مؤتَمنة على إرادة الناخب الحرّة الى إداة لدزينة أو دزينتين من السياسيين الفاسدين والمستفيدين منهم لمصادرة هذه الإرادة وحرفِها وتزويرها.
حتى الأن لا تبدو المفوضية التي تشكّلت قبل ستة أشهر قد تحرّرت من الإرث الثقيل لسابقاتها، ففي الحملة الدعائية الجارية حالياً نرى نوعاً من المحاباة لبعض القوائم، وبخاصة المتشكّلة من القوى المتنفذة.
إليكم بعض الأمثلة.
نظام الحملات الانتخابيّة يحظر في مادته العاشرة على موظفي دوائر الدولة والسلطات المحليّة استغلال نفوذهم الوظيفي أو موارد الدولة أو وسائلها أو أجهزتها لصالح أنفسهم أو أيّ مرشح بما في أجهزتها الأمنية والعسكرية بالدعاية الانتخابية أو التاثير على الناخبين. كما تحظر المادة الحادية عشرة الإنفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من موازنة الوزارات .. لكنّنا نرى العشرات من المرشّحين يخالفون مخالفة صريحة هذه المادة من دون أن ترفع المفوضية الكارت الأحمر في وجوههم. وهؤلاء هم في الغالب من كبار المسؤولين في الدولة. إنهم نواب رئيس الجمهورية، رؤساء الحكومة الحالي والسابقون ونواب رئيس الوزراء السابقون ورئيس مجلس النواب الحالي ونوابه الحاليون والسابقون، والنواب الحاليون والسابقون، وسواهم من أصحاب المناصب العليا في الدولة .. هم يتجوّلون في المحافظات والأقضية والنواحي بسيارات الدولة وطائرات الدولة وبحماية قوات الدولة.
ليس هذا بانتهاك لنظام الحملات الانتخابية وقانون الانتخابات فحسب، إنما أيضاً لمبدأين رئيسين نصّ عليهما الدستور هما المساواة وتكافؤ الفرص بين العراقيين.
قانون الانتخابات يحرّم كذلك ترشُّح العسكريين، لكنّنا نرى مرشّحين ينشرون صورهم بالملابس العسكرية مع الإشارة الى رتبهم العسكرية، ومرشّحات يضعنَ إلى جانب صورهنّ صور أزواجهنّ أو آبائهنّ العسكريين بزيّهم العسكري. من المفترض أن تتعامل المفوضية مع هذه الحالات بوصفها خروجاً على قانون الانتخابات ونظام الحملات الانتخابية، بيد أنها لم تفعل شيئاً .. المؤكد لأنهم مرشّحون على القوائم التي شكّلتها القوى المتنفّذة في الدولة التي لم يتردد زعماؤها من استخدام موارد الدولة ووسائطها في حملاتهم الانتخابية!