عمار ساطع
معطيات كثيرة ومؤشرات عديدة، تجعلنا نقف كالمتفرجين عاجزين عن تغيّر ما يحدث من تقاطعات بين وزارة الشباب والرياضة من جهة واتحاد كرة القدم من جهة ثانية، الأمر الذي يضعنا في صورة ضبابية لما قد يعود بذلك الخلاف العميق على رياضتنا بالسلب عموماً، وعلى كرة القدم على وجه التحديد!
لا رأي سديد ولا وجهة نظر حكيمة أفرزتها الأيام الماضية، سوى حالة من التصعيد باتجاه فرض الأمر الواقع وطرق أقرب لأن تكون تحركات صوب فرض عقوبات قادمة أقرب لأن تكون من أي وقت مضى على اللعبة الشعبية التي تستهوي الجميع بلا استثناء، في ظل التخبط الذي ضرب دوائر كرة القدم المحلية بسبب الانتخابات المقبلة!
أكثر المتضررين ستكون كرة القدم العراقية، بعدما لوح الاتحاد بورقة اللجوء صوب تدويل قضية "النزاهة" التي رفعتها وزارة الشباب والرياضة التي وصلت حد الإفلاس من موضوع الهيمنة على مقدرات الاتحاد وجوبهت بفشل الزج بـ "البعض" من الذين ترغب بإدخالهم في الانتخابات المرتقبة نهاية الشهر الحالي!
القضية باختصار شديد، أن هذه التقاطعات أوصلتنا الى حالة أشبه بالدخول في النفق المظلم، نتيجة دخول وسطاء لرأب التصدع الحاصل والخروج بنتائج ترضي الجميع، غير أن الحقيقة ليست كذلك، خاصة وأن الوزارة تحدثت بطريقة أقرب لأن تكون "أوامر" على الاتحاد تنفيذها، دون أن تعلم أن الاتحاد جهة مستقلة تأخذ شرعيتها من الارتباط بـ FIFA وإن القضية إذا ما اضحت علنية، فإن الأمر سيجعلنا نعود الى المربع الأول، إن لم نَقل ما قبل المربع الأول!
يقيناً إن الوزارة زجت بنفسها في دائرة صعبة، وبدأت تتخذ سلسلة من الاجراءات التي تعنون بـ "تدخل واضح في شؤون اتحاد الكرة" خاصة وأن الأوضاع بدت أكثر تشنجاً وأكثر خلافاً بين الجانبين، فالوزارة تريد أن يكون الاتحاد تحت وصايتها وأن تتدخل بالجزئيات كافة، بينما يعلم الاتحاد بذلك ويعرف تماماً أن فترة الترابط للسنوات الثلاث الماضية لم تكون سوى تعاون جاد بين الرعاية والاهتمام وتسهيل الأحوال ليس أكثر من ذلك!
الاحتدام الحقيقي حصل بسبب الرؤى المتفرقة بين اثنين من الأعضاء المهمين في اتحاد الكرة ووزير الشباب تحديداً على اعتبار أمور الخلافات تتعلق بالأندية التي ينتمون إليها وليست في عملهم بالاتحاد، وهو ما أوصل الأمر الى الخلاف الجاد الحقيقي بين الجانبين، فالوزارة تعترف بأنها كانت حتى وقت قريب في موقف سهل على الاتحاد قضية رفع الحظر عن الملاعب العراقية بعد سنوات طويلة، وربما تعتبر نفسها بشخص الوزير اللاعب الأول في هذا الأمر الشائك، لا بل إن الوزارة جنّدت نفسها وأدخلت نفسها بحالة طوارئ من أجل انتشال الملاعب العراقية عبر تنفيذها لكل كبيرة وصغيرة بالتنسيق المبرمج مع الاتحاد من أجل اتمام المهمة على أكمل وجه، وقد نجح كلا الطرفين في رسم الابتسامة على وجوه العراقيين وحقّقوا ما فشل في تحقيقه الآخرون في فترات سابقة!
وفي تصورنا الشخصي إن قضية الخلاف اذا ما استمرت على هذا المنوال، ستصل الأمور بين كل الجهات الى حالة من التشابك في التصريحات وربما تصل الى أمور بعيدة كل البعد عن الرياضة كرسالة محبة وسلام، فالوزارة تطالب الاتحاد عبر النزاهة الكشف عن مبالغ صرفت في خليجي المنامة 2012 وهي عبارة عن أموال مكافآت تحقيق موقع الوصيف، والاتحاد يقف مستغرباً بأن القضية مستهدفة خاصة وأن ستة أعوام تفصل بين حدث تلك المناسبة والفترة التي تسبق موعد الانتخابات المقبلة!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها وبقوة.. ما الذي دفع الوزارة في اتخاذ خطوات عاجلة من شأنها تفشل عمل الاتحاد وتسقطه بإخراج أوراق مضت عليها أعوام تدين الاتحاد؟ ولماذا هذا الوقت تحديداً؟ وكيف للوزارة أن تفتح ملفات بهذه الطريقة؟ وأين كانت تخفي تلك المستندات التي تدين اتحاداً ليس اتحاداً لعبد الخالق مسعود وحده؟
نعم تلكم هي جزء من الأسئلة الكثيرة التي تثبت أن هناك من هو مدان ومن هو دائن ومن هو سيذهب ضحية لتلك الخلافات.. لننتظر أصحاب العقول والمبدأ من الذين يجب أن يظهروا أنهم دعاة تقارب لوجهات النظر، عسى ولعل أن نصل لحلول قبل وقوع الفأس بالرأس!