adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
لم تُثرني أو تستفزّني هذه المعلومات التي تداولتها أخيراً مواقع إلكترونية عدّة، فضلاً عن حسابات موقعي التواصل الاجتماعي، فيسبوك وتويتر، وجرى تبادلها عبر مجموعات واتساب وفايبر أيضاً، وكان أول تعليق لي عليها: ما الجديد..؟
المعلومات أفادت بأنّ البعثيين قد أعدّوا عدّتهم للعودة عن طريق الإعلام ومؤسسات الدولة الرئيسة، وبخاصة البرلمان بالاندساس فيه عبر الترشّح على قوائم انتخابية مجازة مثل القرار العراقي والوطنيّة وتضامن وكفاءات للتغيير، وأن هناك "جهات شيعية متورّطة" في هذه الخطّة التي وُصِفت بأنها مُحكمة وجرى التدرّب عليها في العاصمة الأردنية عمّان وعاصمة إقليم كردستان العراق أربيل.
بعيداً عن التفاصيل، وهي غير مملّة في الواقع، فإنني لم أجد في الأمر جديداً، ولهذا علّقتُ على منشور في فيسبوك لأحد الزملاء في هذا الخصوص بالآتي: "وما الجديد؟ .. البعثيون، بل أسافلهم، موجودون في البرلمان الحالي والسابق والأسبق والحكومة الحالية والسابقة والأسبق، وهم يديرون أهم المفاصل في الوزارات ومؤسسات الدولة.. والسبب أنّ الإسلاميين الحاكمين يفضّلونهم على الشيوعيين والديمقراطيين وسائر الوطنيين، لأنّ هؤلاء نزيهون وأكفاء والبعثيون (الأسافل منهم الذي تحوّلوا إلى إسلاميين) أدوات طيّعة للفساد".
هذا الرأي كتبتُه، في هذا العمود بالذات، مرّات عدّة في السابق، وهو تقرير لواقع حال، فمعظم الوزراء والمدراء الإسلاميين تحديداً، شيعة وسُنة، كانوا دائماً يقرّبون إليهم البعثيين من مرؤوسيهم، وبخاصة الأسافل وليس الأشراف من البعثيين، وجعلوا منهم معتمديهم في إدارة شؤون الوزارات والمؤسسات وفي تنفيذ عمليات الفساد الإداري والمالي القذرة. رئيس الوزراء السابق نوري المالكي هو مَنْ اختطّ سنّة الاستثناء العشوائي المصلحي من قانون المساءلة والعدالة، فأتاح لبعثيين أسافل الوصول الى البرلمان والحكومة وسائر مؤسسات الدولة، فوضع الأساس الصلد لسابقة ظلّت مرتكزاً في جهاز الدولة.
المعلومات المشار إليها أعلاه أفادت أيضاً بأن البعثيين يتدرّبون الآن جيداً على تقديم أنفسهم الى الرأي العام في صورة جذّابة. في الواقع لا يحتاج البعثيون ولا غيرهم إلى كثير من التدريب .. ما عليهم سوى أن يوجّهوا الأصابع إلى الأخطاء والخطايا التي ارتكبها الإسلاميون في إدارة الدولة والمجتمع على مدى الثلاث عشرة سنة الماضية، وهي كثيرة للغاية، وجداً جداً. إصرار الإسلاميين على التشبّث المستميت بالسلطة من دون النظر بتعمّق في الأخطاء والخطايا والاعتراف بها والاعتذار عنها وتوسّل سبيل آخر للإدارة، هو ممّا يؤدي خدمة لا تُقدّر بثمن للبعثيين ولسواهم ممّن يريدون القفز إلى السلطة.