 إياد الصالحي

احتفى وفد اتحاد كرة القدم المُبالغ في عدده والذي ترأسه عبدالخالق مسعود في زيورخ أمس الأول الجمعة، حال انتهاء اجتماعه مع اللجان العليا والقانونية في الاتحاد الدولي لكرة القدم، احتفى بطريقته الخاصة عبر بيان الحسم الثلاثي لملفات (قضية النزاهة "الكيدية" كما سماها، والتدخلات الحكومية في عمل الاتحاد، والإجراءات التحضيرية لانتخابات 31 أيار الجاري) مع فيديوات للرئيس ونائبه علي جبار، والمستشار القانوني للاتحاد د.نزار احمد، تهلّل لتحقيق إنجاز كبير بالحصول على دعم الفيفا الذي سيرسل قريباً احتجاجه الى الحكومة مع ضمان وجود مندوب عنه في الانتخابات للإشراف عليها كما جاء في البيان.
وأتبعَ اتحاد الكرة بيانه المُصاغ في زيورخ ببيان ثانٍ كأنه حقّق نصراً كبيراً أظهرته صور عناق مسعود بلقاء كبير مسؤولي الفيفا جياني انفانتينو بعد اجتماع اللجان بساعات، كشف عن أن الأخير(أبدى آراءٍ عدّة تخص عمل وزير الشباب عبدالحسين عبطان ممثل الحكومة في قطاع الرياضة، معرباً عن أسفه لتدخل الوزير واستغلال الوزارة لاسم الفيفا في الترويج لأغراض مجهولة.(!
ولعلّ الإشارة الأبرز التي ركّزت عليها تصريحات الوفد بأن اللجنة القانونية في الفيفا (أكدت سلامة جميع إجراءات لجنة الانتخابات ومطابقتها للوائح التي ينص عليها الاتحاد الدولي والنظام الداخلي للاتحاد العراقي(! .
شكلياً، يبدو أن وفد الاتحاد خرج بنصر كبير من اجتماع زيورخ وفقاً لما نقله من تفهّم الفيفا عن ألسنة مسؤوليه السبعة في الاجتماع التشاوري وعن رئيسهم انفانتينو خلال لقائه الودّي، وكل ذلك جاء نتيجة لما سمعه الفيفا من طرف واحد "أي الاتحاد" وما قدم إليه من أوراق بيّنت له أن كل شيء يسير طبقاً للتعليمات الدولية واللوائح السارية على ضوئها، لكن عملياً: ماذا عن الخروق وفضائح الاستحواذ على أوراق التثنية وتصريف شؤون لجنة الانتخابات من قبل المستشار القانوني، والتلاعب بالاوصاف وتفسيرات المواد وإقصاء مرشحين واعتماد غيرهم، وأين اختفى ملف مرشّحة النسوة، وكيفية اشراف اعضاء الاتحاد أنفسهم على انتخابات الاتحاد الفرعية، وبطلان شرعية جميع الأندية التي مضى على انتهاء صلاحياتها أكثر من ثلاث سنوات، ثم الشروع بتشكيل اللجنة الانتخابية قبل شهرين من موعد الانتخابات خلافاً للقواعد الانتخابية، وغيرها من النقاط المثيرة للشبهات التي قدّم بعضها المستشار القانوني للاتحاد أدلّة دامغة عن صحّتها من فمه عبر لقائين تلفازيين مع الزميلين عمر رياض وطه أبو رغيف قبل وبعد بدء باب الترشيح يوم 15 آذار الماضي.
بيان اتحاد الكرة في زيورخ يقدم صورة ناصعة عن تكالب شرس للبقاء في المواقع حتى لو استلزم الأمر الطعن بعمل الحكومة من خلال انتقادات انفانتينو (إن صحّ نقل ترجمتها) لوزير الرياضة بناءً على المعلومات الوافية التي تطوّع رئيس الاتحاد أو نائبه بسردها له، ثم كيف يسمح انفانتينو لنفسه أن يتجاوز على سيادة العراق الممثلة بقانونه والأجهزة الرقابية الحكومية عندما يعلن رفضه قضية النزاهة المرفوعة ضد اتحاد الكرة وتماهى مع تفسير الأخير وسمّاها بـ"كيدية" برغم أن أول جلسة للمحكمة تعقد اليوم الأحد، وفي الوقت نفسه يُشْكِل على الوزير عبطان عدم إكتراثه لاستقلال الاتحاد بينما هو لم يحترم استقلالية القضاء العراقي؟!
إذ يمارس الإعلام الرياضي دوره في حماية ملف انتخابات اتحاد كرة القدم بالحرص على سلامة كل الإجراءات اللازمة لإنجاحها بعيداً عن التشكيك والاتهامات والتلاعب بالنظام الاساسي، فإن المسؤولية اليوم تقع على وزير الرياضة عبدالحسين عبطان لبيان أسباب عدم مواصلته الطريق الى زيورخ لعرض ملفاته على طاولة الفيفا وتوضيح موقف الحكومة مما يجري، أليست واجباته تفرض عليه اتخاد موقف رسمي للرأي العام يكشف الإجراء المرتقب للحكومة لتحديد مصير كرة القدم العراقية، المعلومات المسرّبة تفيد أن قضية النزاهة المرفوعة ضد اعضاء في الاتحاد الحالي لا تقتصر على قيمة فرق تحويل العملة لمبلغ 500 مليون دينار المخصصة لخليجي 21 مثلما حاول رئيس الاتحاد تسطيحها، بل هناك ملاحظات حول إجراءات حسابية وإناطة صلاحيات صرف لتنفيذي الاتحاد جعلت نسبة كبيرة من ميزانيته تُنفق على الرواتب والسفرات والمكافآت مثلما كشف ذلك أكثر من متحدّث قريب من عمل الاتحاد.
ووسط كل تداعيات الأزمة هذه، ينبري مستشار الاتحاد القانوني د.نزار احمد بإعلانه احباط مشروع اعتراض ممثل نادي الزوراء عدنان درجال لدى محكمة كاس الدولية من قبل الفيفا عبر فيديو بث بعد انتهاء اجتماع زيورخ بساعة، في حين أن معلوماتنا تشير الى أن ملف دعوى درجال الكامل المؤلف من 455 ورقة والمدعم بثمانية فيديوات ولائحة شكوى من 12 ورقة اضافة الى أدلة وتصريحات ووثائق أرسلت الى الاتحاد الدولي في اللحظة التي استعد نزار لتسجيل الفيديو، فمتى أطلع الفيفا على الملف ودرسه وحسم أمر الرجل المُبعد؟!
ليس هذا فقط، المستشار القانوني بشّر أسرة الكرة العراقية بمؤتمر موسّع مع الاتحادين الدولي والقاري في بغداد بعد 31 أيار الجاري لدراسة توسعة الهيئة العامة وشؤون أخرى! المهم عنده أن يمضي "جَمل الانتخابات بما حمل" لكنه لا يستطيع أن يجيب أيّ متسائل عن سر توقيت المؤتمر الدولي بعد الانتخابات، ولماذا لا تؤجّل ستين يوماً مثلاً بدلاً من تأجيل مثول اعضاء الاتحاد أمام القضاء للمدة ذاتها التي طالب بها، أيُّهما أكثر واقعية : أن تبقى مشكلة الاتحاد تتضخّم وتنفجر بعقوبة دولية أم تخضع لمفراس وطني نزيه يزيل الشك والغموض ويفتح عين الحقيقة لما خُفي مكراً تهرباً من الفضيحة؟!