TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: هل كانت انتخابات..؟!

شناشيل: هل كانت انتخابات..؟!

نشر في: 19 مايو, 2018: 08:03 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

حتى إذا لا يستطع أحد الإثبات بالدليل القاطع أنّ العملية الانتخابية الأخيرة باطلة شكلاً ومضموناً، فإن هذه العملية تظل مُنتَقَصاً من شرعيتها ومطعوناً في سلامتها لجهة الخروق الكثيرة التي شهدتها، وسوء إدارتها.
لم تكن العملية الانتخابية قد بدأت بعد، بحسب الروزنامة الرسمية لمفوضية الانتخابات، عندما أطلقت القوى المتنفّذة في السلطة حملة انتخابية صريحة وباذخة، بتعليق صور عملاقة لزعماء القوائم الانتخابية في الشوارع والساحات وعلى أسطح المباني. المفوضية لم تحرّك ساكناً برغم تأكيدها أنها ستمنع "كل شكل من أشكال الدعاية الانتخابية" قبل الأوان، وكان ذلك واحداً من أشكال الدعاية في الواقع. وخلال الفترة الرسمية للحملة الانتخابية تجاوز الكثير من القوائم المتنافسة على بعضها البعض وعلى نظام الحملات الانتخابية. كلّ ما فعلته المفوضية أنها أعلنت عن توقيع غرامات مالية على البعض من هؤلاء من دون تسمية المتجاوزين ونوع التجاوز المرتكب ومكانه وتاريخه (اقتصرت التسمية على الكيانات)، ما فُسّر بأنه تهاون مع المتجاوزين.
في أيام الانتخابات الثلاثة برزت مشكلات كبيرة لا تتعلّق فقط بنظام الانتخاب الإلكتروني بل أيضاً بقدرة الناس على ممارسة حقهم الدستوري في انتخاب ممثليهم.. مئات الآلاف من البطاقات الانتخابية لم تصل الى أصحابها، وبخاصة في مناطق ومخيمات النزوح، وآخرون حيل بينهم وبين الانتخاب لعدم تحديث بطاقاتهم الانتخابية مع أن المفوضية أعلنت أنها ستقبل بالبطاقات القديمة مُدعمة بواحدة من وثائق إثبات الشخصية.
أما عملية العدّ والفرز وإعلان النتائج الأولية ثم النهائية فثمة الكثير من الشكوك حولها والطعون في صدقيتها .. ما زاد من الشكوك وعمّق من الظنون أنّ هذه العملية أخذت وقتاً طويلاً، فقد تغيّرت مواعيدها المرّة بعد الأخرى، ومجلس المفوضية لم يقدّم ما يقنع بالأسباب المُعلنة ولا ما يفسّر كلّ ما اعتور العملية من ارتباك واضطراب وفشل. وما عمّق من الشكوك والظنون أنّ مجلس المفوضية رفض رفضا باتاً وقاطعاً فكرة إجراء عملية عدّ وفرز يدوية في بعض الصناديق والمراكز، مع أنّ مثل هذا غالباً ما يحدث حتى في بلدان ديمقراطية عريقة عندما تُثار الشكوك بشأن النتائج.
بالطبع، لم يكن ذلك كلّه غير متوقع، فالمفوضية نتاج عملية سياسية لم تكن أبداً سليمة وصحيحة بسبب استنادها الى نظام المحاصصة الذي تشكّلت على أساسه هذه المفوضية كما سابقاتها.
في الأيام الأخيرة التي شهدت إعلان النتائج على نحو متقطع، تطوّرت الأمور داخل مقر المفوضية العليا الى العراك اللفظي وبالأيدي والأرجل أيضاً، فقد تعرّض أعضاء في مجلس المفوضية الى ضغوط من زعماء القوى والأحزاب التي اختارتهم لعضوية مجلس المفوضية ومن مرشحين متنفّذين فيها من أجل تعديل النتائج وتحويل الخسارة الى فوز. أحد هؤلاء كان رئيس إحدى السلطات العليا في الدولة ..!
بالتأكيد، هذا كلّه ما كان سيكون لو كانت المفوضية هيئة مستقلّة فعلاً كما وصفها الدستور. وكل هذا ما كان سيكون لو كان قانون الانتخابات قد شُرّع بصيغة تنظّم العملية الانتخابية بعدل وإنصاف وشفافية .. وكلّ هذا ما كان سيكون لو لم تعمد الطبقة السياسية المتنفّذة الى ركن الدستور جانباً واعتماد نظام المحاصصة بديلاً عنه .. بل كلّ هذا ما كان سيكون لو لم تكن لدينا طبقة سياسية متنفّذة فاسدة مفتقدة الروح الوطنية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram