اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > الفساد في الاقتصاد العراقي الواقع والمعالجات

الفساد في الاقتصاد العراقي الواقع والمعالجات

نشر في: 19 إبريل, 2010: 04:34 م

 محمد جاسم عواد *تعد ظاهرة الفساد من الظواهر القديمة التي أصابت الاقتصاد العراقي ، إذ لم يكن الفساد جديداً فقد عانى المجتمع العراقي من أوضاع الفساد منذ تأسيس دولته الجديدة عام 1921 ، وبعد الاحتلال الانكليزي انتشرت الرشوة وأشكال الفساد الأخرى ، إذ تضمنت الاتفاقيات الاقتصادية حول نمط استخدام النفط الحصول على امتيازات حق التنقيب
 من خلال العلاقات الشخصية مع الساسة العراقيين آنذاك واستمر الحال  في الحكم الملكي والسيطرة على الأراضي من دون أي وجه حق ، ليصبح الحال أكثر وضوحاً خلال حقبة النظام السابق ، إذ استمر نظام الحزب الواحد لمدة (35) عاماً ساد خلالها قدر من الفساد الاقتصادي المتمثل بالمحسوبية والمنسوبية والرشوة وغسيل الأموال واختلاس المال العام والتهريب وأقترن ذلك بسببين ، أولهما: الاستبداد والدكتاتورية، إذ لم يولد النظام السابق على الصعيد الاقتصادي وإنما نما ونشأ على الصعيد السياسي ، من خلال استخدام الاستبداد في الاستحواذ على الثروة الاقتصادية للبلد، وعدّ الفساد من احد الوسائل لهذا الاستبداد من خلال توزيع الثروة على أعضاء الحزب ومؤيديه، كما تم نشر إفراد العشيرة الحاكمة على مختلف المفاصل الأساسية للمؤسسات الاقتصادية، لما كانت تملكه من قوة للسيطرة، إذ أن كل قطب في الحكم شاركه قطب في الاقتصاد يمثل امتداده في عالم التجارة والمقاولات وعليه نمت صناعة الأثرياء الجدد ، من خلال المشاريع والمقاولات الكبرى من دون الخضوع للإجراءات الطبيعية في منح هذه المقاولات ومن خلال الهيمنة على التجارة استيرادا وتصديراً وبالمقابل كانت الغالبية المطلقة من المجتمع تتضور جوعاً من أجل الحصول على لقمة العيش ، مما حفز ذلك على فتح باب الفساد أمام هذه الفئة لتوفير أدنى مستويات العيش فانتشرت شتى أنواع الفساد، وثانيهما : الحروب والعقوبات المفروضة على العراق أسهمت في انتشار الفساد، فالحروب المتوالية لها اثر في تشويه الاقتصاد العراقي، من خلال التركيز على الإنفاق العسكري وتعطيل الجزء الأكبر من الطاقة الإنتاجية الصناعية والزراعية وما  رافقه من تضخم وانتشار البطالة والفقر بشقيه المطلق والمدقع ، الأمر الذي أدى إلى تحولات عميقة في البنية الطبقية للمجتمع كان معلمها الأول اضمحلال الطبقة الوسطى وكذلك التهميش الواسع لعموم المجتمع ، مع تركز شديد للثروة بيد من هم بالسلطة مما خلق فجوة واضحة بين الفقراء والأغنياء ، تسبب في انتشار الفساد الاقتصادي.ومن الأمثلة البارزة للفساد في هذه الحقبة التي كان لها اثر كبير في الاقتصاد العراقي ، الفساد في برنامج النفط مقابل الغذاء ، الذي كان أضخم برنامج أنساني على مستوى العالم ، إلا أنه لم يكن بالمستوى الذي انشىء من اجله وخلف وراءه فساداً كبيراً سواء من قبل الأمم المتحدة أم من النظام السابق، فقد اتهم المسؤولين الاممين وأولهم (بينون سيفان) مدير البرنامج السابق في مساعدة النظام السابق على  سرقة أموال الشعب العراقي بعد تلقيهم كوبونات النفط التي قدمت لهم كرشوة وهذه الكوبونات تبيح لحامليها تصدير كمية محددة من النفط العراقي ، الأمر الذي فتح المجال للنظام السابق للتلاعب بمقدرات الشعب من خلال تهريب (642) مليون برميل وحصل على نحو (11) مليار دولار وودعت في بنوك خارجية، وكل هذا جعل البرنامج يقتصر على الأزمات قصيرة الأجل وليس على تحقيق نوع من التطور الاقتصادي ، كما كرس البرنامج للفساد والكسب على حساب الملايين من العراقيين الذين تركوا اسارى البؤس والفقر والمرض وتمت المتاجرة والكسب على حساب آلامهم .إما بعد عام 2003 ، فقد انزلق العراق في أتون الفساد والمخدرات وانتشار الجريمة المنظمة والسرقة بكل أشكالها، وأصبح الفساد من أهم القضايا التي تواجــه الاقتصاد العراقي، واعـــد من الكوابح الأساسية في عرقلــة عملية النمو والتنمية الاقتصادية المستدامة ، إذ انتشر في المجالات كافة بسبب موروث المرحلة السابقة الذي أدى إلى انهيار النظام ألقيمي والأخلاقي لأغلب إفراد المجتمع ، وغياب الشفافية والوضوح في منح العقود الخاصة في إعادة إعمار العراق وتمتع المسؤولين الحكوميين بحرية التصرف وبقليل من المساءلة والمحاسبة ، والاهم من ذلك وجود بعض التشريعات والقوانين المعمول بها في العراق تشكل غطاءً حقيقياً  للمفسدين والفاسدين ولاسيما المادة (136/ب) من قانون أصول المحاكم العراقي ، والتي تقتضي عدم إحالة الموظف المتهم بقضية فساد إلى القضاء إلا بموافقة الوزير المختص ، مما أدى ذلك إلى انتشار الفساد واستنزاف موارد البلد التي تسهم في تنمية القطاعات الاقتصادية . وكشفت هيأة النزاهة العراقية عدداً كبيراً من حالات الفساد في الوزارات العراقية وقدرت الأموال المهدورة جراء ذلك للمدة من 2005 – 2006 قرابة (7,5) مليار دولار وهذا ناتج عن التعاقدات المشبوهة التي أجرتها الوزارات ، كما كشف التقرير الذي قدمه السفير الأمريكي في بغداد إلى الكونغرس عن الفساد في العراق عام 2007 إن قضايا الاختلاس في الوزارات العراقية بلغت (997) قضية واقل مبلغ لتلك القضايا هو (25) ألف دولار، كما أشار المفتش العام لوزارة النفط العراقي إلى  إن  الفساد المتمثل بتهريب النفط بات يهدد الاقتص

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram