TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: التأهيل الوطني للعراقيين

قناطر: التأهيل الوطني للعراقيين

نشر في: 22 مايو, 2018: 06:44 م

 طالب عبد العزيز

يمنحنا العدد الهائل للمرشحين في الانتخابات الأخيرة، صورة أخرى من صور السفاهة والتفاهة، التي اعتورت التحول في السياسة العراقية، بل والحياة بشكل عام، إذ من غير المعقول أن يتجاوز عدد أسماء المرشحين في البصرة وحدها الـ 580 مرشحاً، لم يفز منهم سوى (25).وها هي النتائج النهائية تفصح عن مكنون السفاهة والتفاهة تلك، حين نجد أن عدد الأصوات التي حصل عليها أحدهم (4) أربعة فقط. فيما لم يتجاوز نصيب أفضل واحد بين الخاسرين الـ 2000 صوت. يا ترى، كيف يغامر انسان بتسنم منصب، لم يجد من بين الذين يقبلون به نائباً سوى ألفي شخص، في المدينة التي يناهز عدد سكانها الـ 3 ملايين نسمة؟
في الحقيقة التي تتضح بأجل معانيها يمكننا القول بأن نسبة كبيرة بين هؤلاء لم يذهبوا لتمثيل الشعب، بقدر ذهابهم الى الوليمة، نعم الوليمة. ولا أغامر إذا قلت إنَّ 90% من هؤلاء كان دافعهم المال والوجاهة والمشاريع، بل وأن غالبيتهم لا يملك تصوراً في السياسة، وهو غير مؤهل لقيادة مركبة في شارع مضاء، ونجد أعداداً كبيرة من بين الذين فازوا في الدورة هذه، ممن لا يملكون وجهة نظر في إدارة شؤون الدولة، وهم غير قادرين على التفكير في ذلك، وبرأيي المتواضع لم يولد بعد بين هؤلاء جميعاً، الرجل الحقيقي، الذي تأهل ليكون برلمانيا أو زعيماً في الدولة، او مستشاراً حتى. هناك خلل في بنية المجتمع والسياسة العراقيين، لما يعالج بعد. أمريكا وإيران يتبادلان التهاني بعدم وجود الشخص ذاك.
فعلى سبيل المثال، كنت، تصفحت قوائم المرشحين عن أبناء الطائفة المسيحية في البصرة-على قلتهم - فوجدت أنهم تجاوزوا الـ 60 مرشحاً، وكانت سبع قوائم(بابليون، ائتلاف الكلدان، أبناء النهرين، اتحاد نهرين الوطني، اتحاد الرافدين، المجلس الكلداني السرياني الاشوري، حركة تجمع السريان) قد اشتركت، لكن خاب ظن الجميع، فقد تباين عدد الأصوات التي حصل عليها كل مرشح بين (3- 1200) صوتاً، فصحت : حتى أنت يا بروتس !! أمر محزن بكل تأكيد، أن المرشح ينحدر في وعيه الى أدنى من وعي الناخب، وهذا الذي حصل في مجمل العملية الانتخابية.
أكاد أجزم بأننا لو سألنا مرشحاً سنياً عن مشروعه، لأجابنا بانه يريد تحقيق مطالب أهل السنّة، ومثل ذلك ستكون أجابته إذا سألنا الكردي والشيعي والمسيحي، ليس هناك من يفكر بالوطن وحاجيات سكانه مجتمعين، ولو استعرضنا أعضاء الحكومة السابقين لوجدنا ما هو أقبح من ذلك، إذ أنّ الذين تسلموا الوزارات والذين وصلوا الى البرلمان في الدورات السابقة لم يكونوا بمستوى وعي السياسي وفهمه وتداركه، فهذا الجعفري، وزير الخارجية لا يعرف من أين ينبع نهر دجلة، وظل يتحدث بالألغاز ويستعرض (فهمه، ولغته وفلسفته) في مناسبات تستوجب التوضيح والايجاز، وكان جل شغل المالكي طوال فترة حكمه قد انصب على تفتيت المكون السنّي، بل لم يكن همّه أبعد من ذلك، ومثله كان المحافظ الفلاني والوزير والنائب والمدير العام. نحن أمة بحاجة الى تأهيل وطني حقيقي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram