ناجح المعموري

الشعر صوت الانسان الاول ، واعني بالصوت الايقاع الذي افضى للطقوس لاحقاً . وهو النوع الادبي الوارث لعناصر الاسطورة التي ما زالت حاضرة وكامنة في الاثنين بمعنى حاز الشعر عناصر الاسطورة البنائية والمعروفة وهي المجاز ، الرمز ، الاستعارة هي الانموذج الكلياني المرتحل الشعر الذي انحازات اليه الافراد والجماعات وخصوصاً في الطقوس والفعاليات السحرية . لان الشعر قائم آلية لكل ما هو موجود من طقوس وسحريات دينية . وظل الشعر هو المرددات المعروفة والمألوفة في المعابد والساحات على لسان الالهة والكهنة وخادمات المعابد . لذا اختصر هيغل رأيه بالشعر وقال ما معناه بأنه الطاقة الصيانية الذي تستعين بها الجماعات ، لحماية نفسها من النثر . اي يمثل الشعر قوة مضادة وصادة للنثر .
أنا اعتقد بأن كل الفنون الايقاعية الموسيقية والرقصات واشكال التشارك الطقسية استولدتها الجماعة عن الشعر . من هنا كانت الاغنية ، فلابد وان تكون موجودة ، ومتمتعة بطاقة ايقاعية مثيرة بما يتوفر لها من تنوعات موسيقية وحضور جماعي .
وجود الشعر تداول للغناء . هذه الملاحظة تضيء العتبة الجوهرية الثانية في كتاب الشاعر فوزي كريم " القلب المفكر / القصيدة تغني / ولكنها تفكر ايضا " .
حاز القلب وظيفة العقل وتمتع بالكوجيتو وتفكير القلب نوع من تشارك مع الروح العميقة الداخلية للشاعر . وتتحقق ثنائية بين القلب المنشغل بالشعر وما ينتج عن ذلك من شعر . وهذا هو الثنائي الجوهري الذي يفضي بالاخير الى حضور التفكير . القلب يفكر والقصيدة التي تغني تفكر ايضا . بمعنى ان الشعر نتاج التفكير / العقل المتشارك مع القلب وربما هو المجاز الغائب او الحاضر في تبديات الشعرية التي هي اللغزية الحية مثل الخلية الباقية ، رافضة العزل او الموت وتحتفظ بامتيازها غير المفارق لها ، انها الحمى الشعرية التي انتجتها اللحظة التي ابتكرها الشاعر فوزي كريم وذكرنا ذلك في مقال سابق .
قدم الشاعر فوزي رأيا نقدياً استبطانيا لاهم التجارب الشعرية في العالم ، ابتداء بلوكر تيوس ودانتي وغوته وابي العلاء ، وعمر الخيام ، جلال الدين الرومي ، ريلكة ، رتيسويس ، اليوتوميووش . القصيدة لديهم تجارب قوة وفريدة " وتكون قد قطعت شوطاً بالغ العمق مع القصيدة المفكرة ، القلب المفكر . قاعدة / القلب المفكر / القصيدة تغني ، ولكنها تفكر ايضا / دار المتوسط / بغداد / 2017/ص7//
كل طاقة القلب المفكر والقصيدة التي لم تكتف بالغناء ، بل تفكر ايضا ، تمنح معاً جمال الشعرية والمتعة الروحية ، المتحققة من تحقق حضور المفكر به من قبل القلب والقصيدة التي تعامل معها الشاعر فوزي كريم ( الخارجة من محض عبث ، او وجد لغوي ذهني تحت راية مسميات عديدة / ن.م / ص9//
ازدحم كتاب الشاعر فوزي كريم " القلب المفكر " باهتمامات كبيرة بالفلسفة والعلاقة مع الشعر . ومعروف بأن الثنائية هذه المانحة للشعر طاقته غير المحدودة ، وللفلسفة فضاءها المتسامي . والعلاقة بين الاثنين قوية وعميقة ومحفزة للانشغال بهما معاً او بواحد منهما مثل الشعر فقط ، او الفلسفة فقط " ليس الشاعر كائناً مفكراً فحسب او كائناً عاطفياً . انه يشعر بافكاره ، ويفكر بمشاعره / ن. م ص56//
ومثلما قال ارسطو : الشعر ارق واكثر فلسفية من التاريخ ، لان الشعر يعبر عما هو كوني . والتاريخ عما هو جزئي فقط .
في كثير من دراسات فوزي كريم في الكتاب ذهب نحو الشعر المفكر وسعى من اجل توصلات شخصية حول التفكر وقدرته على انتاج شعر باق وفاعل بطاقته المثيرة للذات الانسانية والباقية يقظة وحية . ويختصر كانت بأن الفن الخالص والفن الحقيقي يشغل حيزاً صغيراً لما يفكر فيه عادة كفن . ان الحالة النموذجية للتقدير الجمالي عند كانت هي شيء ما يشبه النظر الى وردة او بصورة افضل نموذج تجريدي من الخطوط / ن. م / ص52//..