علي حسين
منذ 15 عاماً وهذه البلاد تتردّد في خطواتها، لأنّها ترى في العجلة الندامة، فماذا يعني إذا تأخرت مشاريع الكهرباء والصحة والتعليم، وارتفعت نسبة الفقر، وزاد عدد المشرّدين والمتسوّلين، المهمّ أن تترسّخ الديمقراطية التي تسمح لمجلس النواب أن يعقد جلسة مفتوحة لمناقشة أسباب عدم حصول سليم الجبوري على أصوات الناخبين! وكان هناك فريق يقول لقد أخطأ الشعب،لأنه تسرّع واعتقد أنّ غياب محمود الحسن سيعيد له الخدمات والاستقرار. ماذا فعلت السرعة بنا، جعلتنا نتخلّى عن عقلية"تكنوقراطيّة"بوزن سامي العسكري، وكنتُ أتوهّم أنّ السيد العسكري طلّق السياسة بالثلاث، وتفرّغ لمصالحه التجارية، وأرجو أن تنتبهوا معي، فالسيد سامي العسكري ضيف دائم على الفضائيات هذه الأيام، متحدثاً باسم دولة القانون، يعيد إلى الواجهة من جديد الجدل الكوميدي الذي عشنا معه من قبل حول جنّة العراقيين التي ضاعت منهم والتي أطلق عليها تبرّكاً وتيمّناً اسم"البنى التحتية"، وبدلاً من أن يخبرنا العسكري بمصير مئات المليارات التي نُهبت من أموال الشعب في مشاريع وهمية، كان المستفيد الوحيد منها الحاج علي الدباغ والحاج عدنان الأسدي والحاج كامل الزيدي والحاج صلاح عبد الرزاق والحاج حسن السنيد والحاج حسين الشهرستاني والحاجّة حنان الفتلاوي، نجده يقول : لماذا لم نتّبع النموذج الصيني والياباني والكوري الجنوبي، وهي بحسب قوله بلدان بُنيت بالقروض الماليّة.
عندما بدأت الصين في الانتقال من المجتمع الزراعي إلى مجتمع صناعي متطور، لم تذهب باتجاه البنوك للحصول على أموال، بل كان باني الصين الحديثة دينغ شياو يقوم بزيارة سريّة الى سنغافورة ليعرف بنفسه سرّ تطورها وكيف تحولت هذه الجزيرة من مستنقع فقير الى قوة اقتصادية كبرى، وليقرر بعد عودته إلى بكين أن ينقل بلاده من زمن الخطابات والشعارات، إلى عصر"اليوان الصيني"الذي يُرعب الأسواق إذا ما مسّه سوء.أراد"دنغ كسياو بنغ"وهو يبني الصين الحديثة أن يفيد من تجربة دول مثل اليابان وسنغافورة وكوريا الجنوبية. سافر إلى طوكيو والمدن الأخرى، وزار الشركات الكبرى، وفي النهاية اكتشف أن التطور يعني مسؤول يحب وطنه وشعب يحترم العمل.
حقّقت اليابان والصين وكوريا الجنوبية رفاهية مستقرّة، وازدهاراً متواصلاً، من دون أن تسأل نفسها، أيهما أهمّ، الرخاء أم عودة نوري المالكي لمنصب رئيس الوزراء؟ التنمية والتطور، أم جلسة مفتوحة للبكاء على اطلال البرلمان.