نجم والي
عطفاً على موضوع علاج الإرهاب جنسياً أو حباً، كما تحدث عنه المسؤول الفلسطيني أمام الخبير الأميركي بشؤون الإرهاب بوريس هوفمان، والذي كتب بدوره عن الموضوع، نسي – طبعاً - المسؤول الفلسطيني وهو في غمرة حديثه الذي أراد التباهي به أمام اصدقائه الأميركان، أن يذكر أن الإسرائيليين هم الآخرون، أنجزوا من طرفهم ما ساعد على القضاء على منظمة أيلول الأسود الإرهابية، حيث راحوا على مدى سنوات طويلة يلاحقون أعضاء المنظمة (وخاصة أولئك الذين اشتركوا في عملية ميونيخ أثناء مسابقات الألعاب الأولمبية العالمية في عام 1970 واختطاف الفريق الرياضي الأولمبي الإسرائيلي الذي شارك في الألعاب)، ليصفونهم بشكل إرهابي أيضاً واحداً بعد الآخر، وآخرهم كان أبو آياد، إذا صدقنا الرواية التي تقول إن رجال الموساد الإسرائيلي كانوا وراء عملية اغتياله في تونس، عندما كان مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ما يزال هناك!
لكن تظل طبعاً موضوعة الجنس أو الحب ودورها الفعال في مكافحة الإرهاب، أو العنف، أو الحرب، هي موضوعة تستحق النقاش، بالتأكيد ليس السيد بروس هوفمان واحداً من الذين سينصحون الأميركان باستخدام استراتيجية الحب والجنس لتصفية عناصر داعش في سوريا والعراق، وبقية الإرهابيين الذين يطلون برأسهم بين الحين والآخر في مصر، في سيناء على وجه الخصوص، لكنه يذكر في السياق ذاته، بأن السلطات الإنكليزية في شمال ايرلندا، استخدمت ذات مرة، قبل اتفاق الجمعة الحزينة المشهور، نظاماً مشابهاً، عندما أخذت تختار البعض من سجناء إرهابيّي منظمة الجيش السري الجمهوري الإيرلندي، خصوصاً أولئك الذين كان معظمهم في أواسط الثلاثين من أعمارهم، والذين ودعهم سنّ الشباب وحيث بدأت الشيخوخة والوعي بفقدان الحياة بالإقتراب منهم، ثم قامت بإرسالهم بإجازات قصيرة من السجن الى ذويهم في البيوت. هناك كان ينتظرهم، كما هو معروف، آباؤهم وأمهاتهم، الطاعنون بالسن، الذين ربما لن يبقوا على قيد الحياة، بانتظار إجازة الأبناء القادمة. بالإضافة الى ذلك، كان بإنتظارهم أيضاً أطفالهم الصغار، ونساؤهم الشابات الوحيدات، أمر كان يجعلهم بالتأكيد يعيدون التفكير بكل ما قاموا به من أعمال إرهابية، لدرجة أن الأغلبية منهم لم يتردد في إعلان توبته مباشرة، بعد عودته للسجن من جديد، ورفضه للإرهاب من أجل تحقيق حلمه بحياة عائلية سعيدة. كانت تلك الطريقة ناجحة جداً. بروس هوفمان يستخلص من كل ذلك الدرس الذي يقول: إن مقاومة الإرهاب تستدعي بالضرورة البحث عن تطبيقات إبداعية شبيهة بما فعله الإنكليز وما فعلته منظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، لكي يستخدمه المرء في الحرب ضد الإرهاب، والتي تدور رحاها اليوم في مختلف بقاع العالم.
وإذا كان من الصعب علينا طرح أي اقتراح شبيه لأي طرف من الأطراف المتحاربة في العالم، وعلى الأقل يمكننا بمناسبة قرع طبول الحرب المتجددة يوماً بعد يوم بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كم جون أون، أن ندلي بدلونا، سائرين على خطى "الاقتراحات الإبداعية" هذه، فنستذكر هنا شخصية ليستراتا في مسرحية الإغريقي أريسوفانيس، تلك المرأة التي ضاق ذرعها بالحرب، التي لم تعد تطيق سقوط الأبناء والأزواج والآباء أمواتاً في كل تلك الحروب العبثية، أمر جعلها تحرض نساء أثينا على التمرد وتنظم معهنّ أول عصيان من نوعه في التاريخ، "العصيان الجنسي"، الذي قررت نساء أثنيا استناداً إليه الامتناع عن التواصل الجنسي مع الرجال، لغاية عقد اتفاقية سلام مع أهالي إسبرطة. هذه الطريقة نجحت أيضاً، على الأقل في المسرحية، ولا ندري إذا كانت ستنجح في كوريا الجنوبية وفي الولايات المتحدة الأميركية، إذا ما لجأت إلى العصيان الجنسي نساء البلدين!!