حازم مبيضين أظهرت النتائج الاولية غير الرسمية أن عمر البشير يسير على خطى سابقيه الذين تمرسوا بتزوير نتائج الارادة الشعبية، وفاز بما بين 70 و92 في المئة من الاصوات في نحو 35 مركز اقتراع في مناطق متفرقة بالسودان وفي الخارج، وبرغم أن مفوضية الانتخابات لم تؤكد هذه الأرقام،
فان أنصار الرئيس العائد اعتبروها مبرراً للاحتفال بالفوز، مستبقين دعوة الصحف المستقلة والمعارضة للمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، باعتبار أنها لن تؤدي إلا للحفاظ على الوضع الراهن القائم على تقاسم السلطة بين المتمردين الجنوبيين السابقين ونظام البشير الحاكم منذ انقلاب 1989.لن يلتفت البشير إلى اعتبار المراقبين الدولين ان الانتخابات لم تف بالمعايير الدولية لانتخابات شفافة ونزيهة. ولا لقناعة مواطنيه بأنها كانت صناعية، ولا حتى لما يعلنه حلفاؤه في الحركة الشعبية، من أن ما توصل إليه المراقبون الدوليون لم يكن مفاجئاً، لان المفاسد وعمليات التزوير التي اعترت العملية، منذ الإحصاء السكاني، مروراً بالسجل الانتخابي كانت واضحة وبينة، وطالبت المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بهذه النتيجة، وإكساب هذه الانتخابات المهزلة أي شرعية. ولن يعير انتباهاً لمقاطعة الأحزاب الرئيسية للعملية باعتبار أن الظروف غير مهيأة لتنظيم انتخابات شفافة، ولا حتى لرفض الاحزاب التي شاركت في الانتخابات لنتائجها مثل حزب المؤتمر الشعبي والاتحادي الديموقراطي.دلائل الفساد والتزوير أكثر من واضحة، وأكثرها فضائحية عدم حصول أحد مرشحي الرئاسة البارزين على أي صوت في المركز الذي أدلى بصوته فيه، إلا إن كان علينا تصديق أنه انتخب غيره، ولعل تصريحات أحد مساعدي البشير المقربين بأن المراقبين الدوليين لم يقولوا إن الانتخابات في كل جوانبها لم ترق الى المستوى الدولي، ولكنهم قالوا انها في بعض جوانبها، وفي هذا فرق كبير، ولعل في تشديده أن هذه الانتخابات أخرست الالسن وفتحت العيون العمشاء ويكفيها الحضور والمشاركة الكبيران، ما يؤكد تبني نظام البشير كل أشكال التزوير والتلاعب، وإصراره على اعتماد نتائج ذلك ليتولى زعيمه الرئاسة محمولاً هذه المرة على صناديق الاقتراع بعد أن حملته الدبابات إلى القصر الرئاسي قبل عشرين عاما عجافا اجتاحت السودان، فمزقته وأخلت بكل جميل فيه.كنا نتمنى أن تكون الانتخابات في السودان خطوة كبيرة نحو نظام ديمقراطي يرضخ للارادة الشعبية، لكن ما يمنع عنا ذلك عدم وفائها بالمعايير الدولية في النزاهة والشفافية، والقصور في الترتيبات اللوجستية، وعدم توفر السرية الانتخابية، والاخطاء الفاحشة في سجلات الناخبين وبطاقات الاقتراع والرموز الانتخابية والهيمنة الحزبية في بعض مراكز الاقتراع على عملية التصويت، إضافة إلى إرباك الناخبين بالعديد من بطاقات الاقتراع (8 في الشمال و12 في الجنوب) رغم أن الغالبية العظمى منهم ترى صناديق الاقتراع للمرة الاولى في انتخابات شتت تركيزهم بشمولها اختيار الرئيس واعضاء البرلمان، والحكام المحليين، وهو أمر مربك حتى للمواطن الغربي الذي فطمته أمه على الديمقراطية والتعددية والارادة الشعبية.البشير رئيساً مرةً أخرى رغم أنف المراقبين الدوليين ورغم أنف الديمقراطية والارادة الشعبية ، وهو رئيس مرة أخرى رغم أنف السودانيين، لكن خلل العملية التي يعتمد عليها لن تمنع المحكمة الجنائية الدولية من مواصلة مطاردته لمحاكمته على ما اقترفت يداه بحق شعبه.
خارج الحدود: البشير رئيساً !
نشر في: 19 إبريل, 2010: 05:55 م